بالأمس القريب ورد خبر في إحدى الصحف الالكترونية عن وجود لافتة كبيرة جدا على أحد اسوار المدارس الابتدائية بالطائف وفيها مايلي (صورة قبر.... وكتب عليها عبارة – مردك لي -) وتم نشرها على لسان المحرر مع بعض الاستياء من القراء الذين وجدوا بأنها مشكلة ترهب الطلاب وخلافه والغريب في الأمر هو أنه عندما قمت بطرحه لكثير من الزملاء فوجدت الكثير من الردود التي تدل على ما اسماه الصديق الدكتور إبراهيم التركي في كتابه مأزق الثقافة العربية (مآزق التصنيف). وصلتني ردود تدل على النية المسبقة على التفكير السلبي واتخاذ متكأ العداوة للرد على محرر الخبر وكذلك عليَّ أنا شخصياً فيقول أحدهم (لقد اغضبتني أنت وقومك وحلفاؤك بهذا الخبر) وآخر يقول لماذا تريدون اشراك الدين في الصحافة. أود أن أبين بأنه إذا مازلنا نستخدم هذه الطريقة في التفكير وتقبل الأمور من هذا المنطلق فإننا في انحدار ومتى ما أصبح لدينا شغف للتفكير الايجابي فسوف نحل مشاكلنا وننهض بوطننا وعلينا أن نمارس التفكير لا الهجوم والتصنيف. أما من وجهة نظري في هذه اللوحة ففي اعتقادي بأن الطفل (ذو الثماني سنوات) الذي لم يعِ إلى الآن كيف ظهر إلى الدنيا وليس لديه أي مؤشرات للتفكير العميق الذي يجعله على تفسير كثير من التساؤلات في ذهنه سوى أن يتردد على والديه ويسألهم كيف جاء إلى هذه الدنيا فليس بحاجة إلى مثل هذه الصورة التي ترهبه وتخيفه من الذهاب إلى المدرسة، فلم لا تكون تلك اللوحة شيئاً ايجابياً تحيي فيه روح التفاؤل والمثابرة، وهذا ليس اعتراضاً على الموت ولكن لا بد أن نضع الأمور في موازينها، وما دمنا لا نتناقش في أمور ديننا فنحن لم نفهم إلى الآن بأن الدين هو الحياة وكيفما تفهم الدين وفق منظور شرعي تستطيع ممارسة حياتك بسلامة، ليس هناك سبب لأرد عليهم شخصياً ولكن لعل هذا أهم بأن أوضح بأننا نتخذ أسلوب حياة سيئ ليس إلا. وعندما قرأت تغريدة لأحد الأصدقاء يقول فيها بأن الشباب هم ثروة الوطن التي لا يمكن أن تعوض فأنا أقول بأننا بحاجة إلى استقطاب المواهب المبدعة التي استطاعت أن تضع لها بصمات واضحة وبدون مناصب تذكر أو شهادات تحصد، فلقد وجدنا على سبيل المثال لا الحصر أن الشباب (الهكر) لديهم من الإبداع القوي الذي جعلهم يتفنون في تهكير مواقع وغيرها وليس هذا دعماً مني لهم في الجرائم المعلوماتية واختراق ما ليس لهم ، ولكن لماذا لا يتم استخدام هذه العقول وتوظيفها بالشكل الصحيح بدلاً من الرعيل الأول الذي مازال لا يستطيع فتح صفحة انترنت على جهازه الحاسوبي، ولو كنا نعي بأنهم جزء منا لما تركناهم في بوتقة فكرية تسبح بهم لمخالفة الأنظمة من دون قيود توظف قدراتهم. إحدى الأخوات والتي تمتلك مؤسسة لإدارة وإقامة المحاضرات والمناسبات العلمية والتوعوية قامت بالتجهيز والتحضير لإعداد محاضرة علمية وتوعوية للشباب وقامت بدعوة كثير من الشخصيات المهمة محلياً ودولياً وعندما اقترب موعد هذه المحاضرة تم إلغاؤها من قبل مسؤول في إحدى الوزارات ورفضها وذلك لوجود مثيلها في جامعة الملك عبدالعزيز، وكأنه يوضح بأن البيروقراطية هي عصب الحياة وأن مثل هذه التوعية لا يحتاجها شبابنا ولم يرع انتباهاً بأنهم قد اتموا الموافقة مسبقاً وبذلك لا يهمه إن كان هناك ترتيبات لضيوف قادمون من دول الخليج والدول العربية، ليتنا نعي ماهية التنوع في الطرح من أجل الحصول على فائدة. الصباح الذي لا تشعل فيه قناديل قلبك بالأمل والتفاؤل والرضا هو عتمة أخرى. أكاديمي وكاتب صحفي @BTIHANI