هناك مِنْ البشر مَنْ له قدرة متجاوزة في صنع عداءٍ لأفكاره ومعتقداته، بما تحمله هذه الأفكار من شدة الكراهية لكل شيء سواها، سواء أكان هذا فرداً أم جماعة لها أيديولوجية خاصة، وهو اليوم يظهر لنا هذا اللون من صناعة العداء، الذي لا ضرورة له للدفاع عن كيان أمة أوحفظ كرامتها، انظر لهذا العداء الذي أثاره البعض بمجرد أن أعلنت وفاة بابا الإسكندرية شنودة الثالث، والحزن عليه أمر يخص اتباع دينه، ولكن إظهار الكراهية له ولقومه في هذا الوقت بالذات هو لون من صنع العداء الذي فائدته الوحيدية الإضرار بالمسلمين، عن طريق إظهارهم قساة القلوب لايجدون وقتاً لإبراز عدائهم وكراهيتهم للغير إلا في هذا الوقت الذي أصيب هذا الغير فيه بمصيبة، فجاء العداء في صورة شماته لايقدم عليها ذو عقل حصيف يحمي بعقله أمته ودينه، وأسوأ انواع الصناعة الحديثة للعداء هو المضي قدماً في صناعة عداء بين طوائف المسلمين والمنتمين إلى مذاهبهم المتعددة، عن طريق هجاء مرّ لعقائدهم، وتسفيه لعقولهم، مع الأصل الذي ينتمون إليه جميعاً واحد، هو هذا الدين الحنيف، وأقرأ إن شئت هذه الكتب في رد الفرق العقدية على بعضها، وما تحمله من تكفير وتفسيق وتبديع، وما يلحق هذا من ألفاظ الهجاء المقذع، وقارس الكلام المؤلم، مما لا يبقى معه للتسامح وجود، ولا للحوار فرصة، والذي ينقلب معه العداء إلى قتال مُفْتى، فكيف يصغى بعضهم بعضاً، وبعضهم يخرج بعضاً من الملة، ويدعي عليه أنه أخطر من أهل الملل الأخرى، التي يرى فيها عدواً دائماً، ولعل من اتباع الأديان الأخرى من هو أرحم بهم من بعضهم المعادي لبعضهم الآخر، فمن تكفره من إخوانك المنتمين إلى دينك، لايصبح لك أخاً، ولن يستمع منك إلى نصيحة، فأنت من صنعت منه عدواً لك، لذا وجدنا علاقة بعضنا بغير المسلمين أرحم من علاقة بعضنا ببعض، وكم يدعو العقلاء على مرّ الزمان إلى التسامح، فلا يجدون له في أوطاننا وجوداً، حيث قد اختفى من حياتنا منذ زمن طويل، وحل محله هذا النوع من صناعة العداء الرديئة، والتي وللأسف تجد لها في مجتمعاتنا اليوم الوجود الحي والمتراكم، حتى تجد أنها اهتمام كل اثنين يتناجيان، ولا متناجيان إلا بسوء، حمانا الله وإياكم من كل سوء وجمعنا على المودة والرحمة أنه سميع مجيب. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043 [email protected]