ما أكثر المؤامرات يا رجل, يوم من الأيام كان السائد أن ينسب كل خلل إلى إسرائيل والغرب. أصبحنا حينها نحارب طواحين دونكي شوت الهوائية ونرى أن اليهود والغرب يسعون خلف عقولنا "النيرة" التي أنتجت أحدث التقنيات و تعتصر تلافيفها أغمض أسرار الهندسة النووية وعلم الوراثة. توهمنا أن فينا مطمعاً يجعل العالم أجمع يصل الليل بالنهار لكي لا يولد "أبو هاجوس" فارس الديوانيات, وتصرف المليارات على بحوث لمنع "ابو كاب" من تعلم فنون التفحيط, وتوضع الإستراتيجيات البعيدة المدى للحد من زحف "المزاين" على الاقتصاد العالمي. نعم عشنا ذلك الوهم حتى بدأت الشوارع تتشقق تحتنا, و بدأ ابناؤنا يموتون في المستشفى وفي المدرسة وحتى في المنزل لفسادنا. اليوم إيران هي بطلة المؤامرة, يغبر الجو, فنقول "مؤامرة", يبدع شاب سعودي بشكل كوميدي ساخر على اليوتيوب فنقول "مؤامرة", نعود لندس رؤوسنا في رمال المؤامرة كي لا ندرك المشكلة الحقيقة, تلك المشكلة التي تقف بكل بجاحة في وجوهنا بالرغم من تجاهلنا لها. نعم هي المشكلة التي نكرهها كثيرا ليس لتأثيرها علينا ولكن لأنها تضعنا على المحك فهي الوحيدة التي نملك لها حل, برغم من صعوبته ولكنه في أيدينا, لذلك وهروبا من الواقع بحثنا عن شماعة المؤامرة لنكذب على انفسنا ونقول أننا لا نستطيع حلها إلا بالدعاء على الأعداء رغم أن السماء لا تمطر ذهبا. حسنا دعوني أوافقكم بوجود مؤامرة فهل نستطيع نسب الفشل الإداري الذي يهدد حياتنا ورزقنا لهذه المؤامرة؟ هل نحن نتهم مسؤولينا بانتمائهم لهذا التنظيم الوهمي؟ أم أن كامل الموضوع هو أننا لسنا بمطمع وأننا فقط فاسدون بكل ما تحمله الكلمة من فظاعة وبساطة. المؤامرة هي ما يقوم به أولئك الذين يهدون الدار من الداخل وعندما يوقفون عند حدهم, ربما يبدأ الخارج في إدخالنا في حساباتهم. twitter:@msarrar