فجأة نظر إليّ في تساؤل لا يخفى ونحن نجلس في ذلك المقهى المطل على الشاطئ وهو القادم لتوه من بلاده العربية، كنا نستمع إلى ما يشبه الصراخ بين من يجاورونا في المكان فقال متى تتخلصون من ألقابكم الأسرية هذه؟ لم أفهم ما يقول.. فقلت له ماذا تقصد قال نحن في دولنا العربية جميعاً أو معظمنا نعود في أصولنا إلى قبائل عربية، ولكننا أخفيناها بعد أن شعرنا أنها قد تكون خلف كثير من المعاناة التي تحيط بنا في أولها وأخطرها أن يكون انتماء الإنسان لقبيلته يسبق انتماءه لوطنه، أضف إلى ما يسببه من عنعنات يتمسك بها البعض. فالقبيلة للتعارف، وليس للتنافر "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وصمت. أعترف أنه فاجأني بهذا الطرح الذي أراه شديد الحساسية، ومع الأسف في هذا الوقت بالذات حيث تتصاعد وتيرة البحث عن "القبيلة"، وكأنها هي جواز المواطنة، ومن لا يحملها مشكوك في وطنيته.. نعم أن طرح هذا الأمر غاية في الأهمية، فهذه الدول العربية معظمها إن لم نقل جميعها تخلصت من ذلك، واكتفت بالأسماء الأربعة الأولى للإنسان دون تجذيره الانتمائي.. فهو مواطن بإخلاصه وعمله في صالح مجتمعه ووطنه مهما كان انتماؤه العائلي أو الأسري. "إن أكرمكم عند الله أتقاكم".. إنها النبراس الذي لابد أن نسير على هداه، ونحن أمة مسلمة مسلمّة لأمر الله سبحانه وتعالى.