ما أنصفتْ وسائلُ الإعلام العربية (الثورات). فالإنصاف يقتضي نقلَ و تناولَ خيرها و شرها، إيجابياتها و سلبياتها. هذا هو الشعار الذي تدعي كلُ وسيلةٍ نهجه. لكن الواقع أنهم خرجوا من (عِبادة الحكام) إلى (عِبادة الثورة). كانوا لا يرون في حكامهم خطأً و لا فساداً و لا نقصاً. أو يرونه فيُشيحون عنه، خوفاً أو طمعاً. و الآن لم يتغير الكثير. خلعوا (الحكام) أو ذبحوهم، و أحلّوا مكانَهم (الثورة). فخلعوا عليها من العظمة و السداد و الحكمة و الرأفة و الصلاح الشيءَ العجيب. و تجاهلوا، بل لعلهم أخفوا، ما تشهده ليبيا مثلاً من تقتيلٍ و سلاح و تمزيقٍ يكرره رئيس ثورتها صباحَ مساء. و تغاضوا عما يكتنف الدولَ الأخرى من ضياع أمنٍ و تنافسٍ نحو مجهول . و المجهول دائماً يحتمل الخير و الشر أو طغيانَ أحدهما على الآخر. لا أعني قنوات إعلام دولِ الثورات وحدها، بل حتى السعوديةَ و الخليج و غيرها. كم هي خطيرة وسائلُ الإعلام. تشكل قناعات الشعوب. و تَدّعي كلُها الأمانةَ و الرأيَ و الرأيَ الآخر. لكنها واقعياً تقدم ما يحلو لها و تتغاضى عما سواه. خَدّرتْ الشعوبَ بأحلامِ إزدهارٍ و مَنَعةٍ بثَّتْها الأنظمةُ و الحكام. و اليومَ تُخدّرهُم بأوهامِ أن الثورةَ (نجاةٌ) من كل شر، و (صلاحٌ) من كل فساد، و (فَوزٌ) من كل ضَيْم. عاش وزراءُ الإعلامِ .. و وسائلُه. Twitter:@mmshibani