شمائل العرب الحميدة والمعروفة عنهم حتى قبل الإسلام لايبخس منها من شذ عنها , وقد تجملت بهدى الإسلام , لقد كان للعرب أيضاً قبل الإسلام عادات جاهلية وعبادات شركية , لجهلم ولبعدهم عن التعاليم السماوية التي جاءت قبل الإسلام وكثير منها تم تحريفه, قلة من الذين ظلوا على أصول تلك الديانات كورقة بن نوفل وعدد محدود بالشام ومصر وبلاد الرافدين. باختصار بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته للدين الحق سرا وجهرا انتهاء إلى فتح مكة ودخول الناس بالدين الاسلامي أفواجا, تخلص العرب من عاداتهم النشاز وبقيت عاداتهم الجميلة كالكرم والوفاء بالعهد وغيرها التي جاء بها الإسلام أيضاً, وتمضي السنون ... فكلما ابتعد المسلمون عن روح الإسلام ووسطيته شبراً ( أنقاه وأنفسه ) وليس وسطية بمعنى (بين بين ) عادوا باعاً عرباً - أي لماقبل الإسلام ؛ً بضعفهم بعد تقدمهم الذي ساد ثم تلاشى شيئاً فشيئاً إلى أن بادت حضارتهم وريادتهم , فكلما عادوا لتعاليم الإسلام السمح واستلهموا حضارتهم الإسلامية ورقيهم العلمي والبحثي شبراً لاستعادوا بعضاً مما افتقدوه ولتخلصوا أميالاً عماكان عليه العرب قبل الإسلام. حٌصِرَت جل أفكارهم بملء البطن ,إشباع الغرائز , الجرأة على استحلال الفساد المالي والإداري ,شهوة السلطة ,وعدم الاكتراث بنبض شعوبهم؛ وتناسوا بأنهم بشر كما بقية أفراد شعوبهم وتناسوا أيضاً أن الله كمامنحهم عقولاً وأحاسيس فغيبوها باستعلائية على من تحت سلطانهم , منح شعوبهم عقولاً وأحاسيس تدرك مايدور حولها فأصبحت المعلومة والخبر متاحة وتصل وبسرعة والبرق أن من حاشيتهم من لايهمه سوى مصلحته ومنفعته منهم ,ولايهمه نصحهم ونقل النبض الحقيقي للشعوب للحكام , وهذا برأيي ماحمل استشراء تلك الثورات العربية ليقينها أنهم بشر ,وأن حكامهم ليسوا ملائكة أو رسلا ليظلوا يصدقون وعودهم وتغنيهم بخطبهم بالشعوب ونعتها بالعظيمة بينما يتم قهرهم ووأد أحلامهم. العربي بطبعه لايقبل الضيم وبنفس الوقت صبوراً ,ومتى مابلغ السيل الزبى كان جموحه كماالسيل الهادر متوج بتشميع أذنيه بالشمع الأحمر ؛ وقد همس لقلبه ألا يُستَمال , و لعقله ألا يُشتَرى بوعود فات أوانها ؛ وقت أن كانت قلوبهم تهتف لهم , وسمعهم ينصت لكل كلمة منهم وألسنتهم تجأر بالدعاء لهم ونفديك بالروح والدم , فلما خذلوا أحاسيس شعوبهم واستخفوا بهم , واستغبوا عقولَهم , وكتموا أنفاسَهم وكبتوا طموحاتِهم , فشيدوا الكثير من السجون لإيوائهم , وأهملوا بدلاً عن ذلك توفيرالسكن الملائم والتعليم الجيد والمشافي النظيفة , بدلا عن إنشاء مراكز البحوث العلمية باعتبارها ركيزة رئيسية لنهضة تعليمية وصناعية واقتصادية شاملة ؛ رهنوا مصائرَ شعوبهم لفتات معونات البنك الدولي وصناديق الإقراض الدولية والمنح والهبات التي تذهب لحساباتهم الخاصة , ومن فوائد القروض يجني الغرب أموالاً يستثمرها بتطوير مخترعاته وصناعاته وأسلحته , كي تباع تلك بأثمان باهضة ومن ضرائب فرضت ولم ترحم , تجبى بدقة متناهية , وتحرم منها شعوبهم وتملأ منه جيوب أبواقهم ,فتؤمِّن حكوماتهم تلك الفروقات بزيادة الضرائب ورفع أسعار السلع الرئيسية , مع بنية تحتية شبه معدومة , وسن قوانين تبقي الحاكم سيَّدا مطلقاً , وتكتفي بكتابة "ديمقراطية " وعدالة إجتماعية وحرّية بدساتيرهم ,وفوق ذلك كله تحصي أنفاسهم وتذل موهوبيهم ومبدعيهم بانتظار وظيفة لا تتناسب وقدراتهم بينما تسند المراكز الحساسة والوظائف المرموقة للمقربين لا الأكفَاء , الذين يلقنون حكامهم بالدسائس والوشايات , ولايلقون عليهم النصائح والتمنيات , ليضمنوا استمرار انتفاخ جيوبهم وتدلي "كروشهم" . أبعد هذا يقال تلك أيادٍ أجنيَّة تحركهم , تحرضهم , تدعمهم , بعد أن كانوا يرددون بنعت شعوبهم بالعظيمة والوطنية , بسرعة البرق أضحوا عملاء للأجانب بعد أن كانوا أشرف الناس وأطهر أهل الأرض. الايعلمون أم على قلوب أقفالها أن الأجنبي يميل دائماً مع من تؤول إليه السلطة ليضمن مصالحه ونفوذه , هاهم ضحوا بالرئيس السابق حسني مبارك , ومن ثم تفاهموا مع الإخوان المسلمين لأنهم أدركوا رجحان كفتهم,ساهموا بقتل القذافي شر قِتلة بعد أن نفذ كلما ماطلبوه منه من تدمير مصانع أسلحته وقايضوا قتلاهم بلوكربي بمليارات الدولارات ثم سجنوا مواطنين , توفي أحدهما وأطلقوا الآخر ليبقتلوا بدلا عنهما رأس الجيَّة , كان بحسبانه أن ذلك سيشفع له الايلقى مصير صدام حسين أو مانويل أورتيجا , فلما أيقنوا رجحان الكفة للثوار الذين كانوا يقولون عنهم إسلاميين متشددين تربوا على مبادئ "القاعدة" وكذلك الحال بتونس و سوريا وغيرها , غباء حكام لم يتبهوا لهمسات شعوبهم ومن إشارات ذلك إعراضهم عن الذهاب لصناديق الاقتراع , فما التفت حكامهم لذلك لأنه بحسبانهم الاحاجة لهم بهم وليس باستطاعتهم التطاول عليهم , فانقضوا عليهم واكتسحوهم , وكلما اقترب الدور على حاكم آخر قال : لست فلاناً أو فلان ماهذا الغباء والعنجهية !!؟ . كان الأجانب يهمسون لرؤساء تلك الدول بل يرسلون الرسائل أن اهتموا بالمهمشين - لذر الرماد بالعيون - لم يكون الغرب ليقولوا تلك النصائح كنصائح وإنما كجرس إنذار - يعكس ما رصدته أجهزتهم أن شعوباً ضجرت وهي ستقبل أي نظام حكم حتى ولو كان محظوراً - فيقابلهم الأباطرة- تلك القيادات - بلازمتهم الممجوجة لانسمح بمن يتدخل بقراراتنا السيادية ولن تقبل شعوبنا بأفكاركم , ولاتصدقوا من ينم إليكم عن حاجز بيننا وبين شعوبنا تلك مؤامرات ينسجها أعداء الأمة. فلما حان وقت الحساب وانتفضت شعوبهم تبرأ أصدقاؤهم من الغرب منهم كماتبرأ إبليس من غواية من حادوا عن طريق الحق . خلاصة القول أن وهناً قد أصاب العرب في مقتل باتباعهم ,دساتير وقوانين تم تفصيلها على شعوب ليس على مقاساتها هي بل على مقاسات حكامهم , أخيراً ضاقت بشعوبهم فألقوها وشرعوا بتفصيل ثياب على مقاساتهم ؛ وصمموا على أن يلبسها حكامهم الجدد . .