قبل ثلاثة أسابيع تقريباً اطلع الجميع على بيان شرطة الرياض حول أحداث مبارة ناديي الهلال والشعلة التي أقيمت على ملعب الشعلة بالخرج، وحقيقة صدم الجميع بقسوة لغة البيان وركاكته وتضمنه جملاً غير مناسبة وبعده عن الحرفية والمهنية التي تجمع بين المهنة والإعلام والتي تراعي جوانب كثيرة أهملها البيان وجوانب أكثر كشفت أن البيان قد غرد خارج سرب الهاجس الأمني وذكرنا ببيانات الأندية التي عادت ماتُصاغ من موقع الدفاع، خصوصاً وأن موقع الحدث لم يكن غرفة في حوش مغلق أو مكتب في عمارة مغمورة، بل كان ملعب لن تقل مساحته عن (10) آلاف متر مربع، تقام عليه يومياً التدريبات وأسبوعيا مبارايات وتشارك وحدات أمنية تابعة للشرطة في ضبط الأمن وتوجس الهاجس الأمني وتدور حوله على مدار الساعة الدوريات الأمنية الراكبة والراجلة، فأين كان ذلك طيلة تلك السنوات ؟ إن هذا يعود بنا إلى مقالات سبق أن كتبتها بهذا الخصوص سواء تحت عنوان (الأمن الوقائي المسمى والمضمون) أو (حتى لاتتحول الشرط إلى فزاعة) وذكرت يومها أن الذي نعرفه أن في كل إدارة شرطة إدارة هامة ومهمة تحت مسمى (الأمن الوقائي) وهذا شيء جميل ورائع أن يتبنى الأمن العام درء الأحداث قبل وقوعها بل أرى أنه من أساسيات بناء أي مرفق أمني هام وفعال يستشرف المستقبل، وذلك يعد من مشاريع الفكر الأمني ونشرالثقافة الأمنية بمفهومها الشمولي المبسط لأكبر مساحة من المجتمع من العمل الميداني المبني على البحث والتقصي من خلال الدراسات الميدانية التي تركز على مواقع ومسببات تكرار الجريمة أوالمشكلة في حدها الأدني، وذلك بدعم من خلال وسائل الإعلام وأماكن التجمعات والمدارس والمناسبات والأحداث العامة، من خلال استحداث وسائل جيدة ذات أساليب متجددة ومتنوعة في الطرح تخاطب العقل الذي يحث بالتالي على ضرورة استيعاب الثقافة الأمنية، ومدى ترابطها واستيعابها لكل جوانب الحياة من قبل جميع الأطراف وفي مقدمتهم الشرط، وتعزيز روابط العلاقة الحميمة بين المواطن العادي ورجل الأمن وفي أي موقع، وليستشعر الجميع أن الأمن منظومة تمثل كافة أفراد المجتمع، سخرت لراحته وأمنه وقد تتميز بأنها تملك بفضل الله ثم التعلم والتدريب والخبرة، ما يجعلها تنكب ليل نهار تدرس كل الوسائل والطرق الكفيلة بتجنيب هذا المجتمع بكل فئاته أخطار الجريمة والأحداث الكارثية والوقاية قبل وقوعها، والعمل على علاجها إذا وقعت وذلك وبفضل الله في أضيق الحدود، وكما أسلفت مراراً وتكراراً لابد أن يتميز رجل الأمن قبل الوقوف على مواقع الأحداث المخلة بالأمن أن يكون متسلحاً بالدراسات والأبحاث التي يسعى من خلالها للوقاية وهذه أهم وأولى خطواته العملية، وأن يدرك أن الوقاية من مخاطر أغلبها وأخطرها غير ماثلة ولا مشخصة ولا يسبقها أعراض في الغالب ولكنها لاتغيب عن فطنته، فتظل معها مهمته أقسى وأمر وتتطلب ديمومة الجد والحذر، ولعل الوقاية والتوعية هي المصل الواقي والتطعيم الأجدى نفعا في مثل ذلك خدمةً للصالح العام وعلى الأمد البعيد، لكي ينصهر الجميع متحلين بروح الفريق الواحد.. الأمن هنا. ثمرة توحيد الجهود بين كافة الأجهزة وبين أفراد المجتمع ومؤسساته، لذا يجب أن يكون الجميع حريصين على ترسيخ الأمن الوقائي بمفهومه الشمولي والمعاصر بكل مقوماته الإيجابية، واليوم أجدها بكل أمانة فرصة، لأن أناشد القائمين على إدارات الأمن الوقائي أن يكونوا أكثر تواجداً ميدانياً بالبحوث والدراسات وتقصي الأسباب، قبل وقوع الحدث، ليضيف ذلك المزيد من النجاحات لرجال أمن عهدناهم، جنوداً أوفياء مخلصين، منهم وبهم ومعهم بفضل الله نزداد أمناً وطمأنينة في ظل توجيهات قيادتنا السنية لذلك فبيان شرطة الرياض حقيقة كان خالياً من تلك المضامين التي جعلت من شرطة الرياض في مثل هذه الحوادث العارضة فزاعة وكان يجب عليها طيلة عشرين عاماً هي عمر المنشأة توجس ذلك ومعالجته فهو يقع تحت دائرة اهتمامها لو في حدها الأدنى وقائياً هذا وبالله التوفيق. جدة ص ب 8894 فاكس 6917993