وقفت طويلاً أمام الخبر القادم من (حفر الباطن) والذي نشرته الصحف المحلية، الخبر كان عن مدير المرور بمدينة الحفر المقدم ضيف الله الجبلي، والذي قام بعمل أسطوري أشبه ما يكون بأفلام هوليود، عندما انطلق في جسارة لافتة يرافقه الجندي أول مبارك المطيري يسابق الموت، وفي يده مسدس صوّبه نحو سيارة "فالتة" كانت تسير بسرعة 220 كم/ س بعد أن تعطل نظام تحديد السرعة فيها، ولم يستطع مالكها وسائقها الشاب عبدالله الطواله أن يخفض سرعتها، فظلت تسابق الرياح، مؤذنة بهلاك سائقها، وربما آخرين على الطريق. المقدم الجبلي والجندي أول المطيري سجلا عنواناً باهراً في جبين الأمن السعودي، وقاما بعمل أظن أنه الفريد من نوعه على مستوى العالم، ويستحق أن يضاف بكل فخر إلى مؤسسة جنس للأرقام القياسية، والمبادرات البطولة النادرة. السؤال: من حرّك ذلك الضابط ومعه زميله الجندي لأن يضعا نفسيهما في ذلك الموقف الحرج المحفوف بأقصى حالات الخطر؟ وما هي حسابات الربح والخسارة،اللتان كانا يفكران بها في تلك الممارسة القريبة من الجنون ؟ لا شيء في تقديري كان يحركهما سوى أداء الأمانة، وضع تحت الامانة عشرة خطوط، ثم الشعور بالمسؤولية، والرغبة في إنقاذ الشاب السائق، والسكان والمارة والممتلكات التي كانت في طريق سيارة الموت "الفالتة". أقسم أن ذلك الضابط الشجاع، وزميله الجندي أول يستحقان وساماً رفيعاً وغالياً كأقل مكافأة لمخاطرتهما بحياتهما، وقيامها بالأمانة، وصناعتهما لنا ولمجتمعنا نموذجا باهراً يستحق أن نتغنى به طويلاً. لا تبخلوا -أيها المسؤولون- على هذا الضابط العظيم وزميله الجندي الباسل، اعطوهما "الوسام" و"الدرجة الوظيفية" الأعلى.. فما سطراه من ملحمة، والله إنه أكبر من ما يمكن أن يسجله لنا نجم كروي، أو فنان مطرب أو ممثل مسرحي، أو ربما من كتاب تم تأليفه وصاحبه متكئ على أريكه!! وأخيراً.. وهذا مهم جدا.. يجب محاسبة الشركة التي استوردت تلك السيارة وهي جيب لاند كروزر -تايوتا- على صناعتها الرديئة -إن ثبت ذلك- وتغريمها بغرامة يسمع بها القاصي والداني.. بحيث لا تفلت من العقاب، ولا من تكليفها باستدعاء كل هذا الطراز من سياراتها واعادة فحصها، هذا إن كنا فعلا مجتمعاً يرحب ب"الشفافية" ويحترم مواطنيه، حتى لا يسهل على شركات العالم "الضحك" علينا ب"خردوات" قيمتها باهضة،ويدعون أنها سيارات "متينة".