أصبح قبضُ الليبيين على سيف القذافي مأزقاً أكثر من مخرج. فمع أن له نشوةً نفسيةً غامرة، و يعتبر انتصاراً مؤكداً لزوال فلول نظام أبيه تماماً من الواقع إلى مزبلة التاريخ. إلا أن دخول (محكمة الجنايات الدولية) على الخط نذير شؤم. فالمجلس الانتقالي بين خيارين أحلاهما مر : إما الاستجابة لمحكمةٍ باحثةٍ عن مجرمٍ تستعيد به مصداقيةَ بلاغاتها و يشغلها بمحاكماتٍ تجلب أضواءَ في أمس الحاجة لها، بعد أن جعلها الرئيس السوداني (مسخرةً) للعالم بتنقّلِه كيفما شاء مع ملاحقاتها له. أو إصراره على المحاكمة في ليبيا، كونه ليبياً وفي حرزها واقترف جرائمه على أرضها. خروج سيف إلى لاهاي سيهيج الثوار و يقسم القادة باعتباره استسلاماً لإملاءات الغرب و حمايةً له من احتمالات الإعدام لو حوكم بقوانين ليبية. و محاكمتُه داخلياً تفيد النظام الهشَّ و تشغل الشعبَ أشهراً و سنواتٍ فيما (قال و سيقول). أما سيف فظلّ يتطلع للمحكمة الدولية و دلف الآن تحت مظلتها، حتى و هو في ليبيا. و لعل حدسه هداه أن يكون المجلس الانتقالي بوابته إليها، بدل وسطاء معدومي الثقة. لا بد من صفقةٍ بين (المجلس) و (المحكمة الدولية)..و المستفيد سيكون (سيف)..لأنها ستحقق له أقل الأضرار. Twitter: @mmshibani