ذات يوم قال لي الصديق العزيز الأستاذ محمد عمر العامودي ونحن نتحدث عن إشكالية الأدب عندنا. قال: اذا ما نظرنا نظرة واقعية مجردة بعيدة عن العاطفة لأدبنا وأدبائنا فإننا لا نجد ذلك المفكر المتين الفكرة الواسع المعرفة.. الذي يمكن أن نضع نتاجه أمام فكر الآخرين دون أن يدخلنا الخوف أو الهلع من حكمهم ففي مصر مثلاً هناك زكي نجيب محمود.. ونجيب محفوظ وطه حسين.. والعقاد وغيرهم.. وغيرهم كثير.. وهذا ينطبق على سوريا والعراق.. والمغرب.. والجزائر.. ولو سقت لك الأسماء لأصابنا الكلل.والسبب في ذلك يعود إلى تكويننا الثقافي فنحن أخذنا قضية الفكر قضية للوجاهة أكثر منها قضية جدية للحياة.. فثقافتنا ثقافة على الماشي.. وهذا ينطبق على كل الأجيال التي مرت بنا أو مررنا بها دون استثناء..إن الذي يمكن أن يكون عندنا هو الشعر وغير ذلك لا شيء. أعود إلى سؤالك وأقول ان الأدب عندنا ومنذ خمسين عاماً ولا يزال لا يجد وعاءً إلا الصحافة والذي نراه الآن ينشر في الصفحات الأدبية ليس هو ذلك الأدب الذي يُبحث عنه.إنه غارق فيما يسمى ب (المماحكة) والترصد للآخر.. وقفل الأبواب في وجه كل ثابت صحيح.. إن الصفحات الأدبية إذا ما كانت هزيلة وهذا ما اشتمه من السؤال فهي انعكاس صادق لحالة الأدب فهي وعاء لما يقدم لها ليس إلا.. ولا تصدق أن هناك أدباً أو فكراً ذا قيمة ولم ينشر والذي يقول غير ذلك عليه أن يثبت فواحد مثل الدكتور حسين مؤنس عندما سئل ذات يوم عن الأستاذ حمزة شحاته قال لا أعرفه.قد يكون هذا قصورا من الدكتور مؤنس.. ولكنه في جانبه الآخر ان ما قدم لحمزة شحاته لا يتناسب وقيمة حمزة شحاته عندنا.. تلك القيمة التي يمكن أن تفرض ذاتها على الآخر.إذن والحالة هذه أن المنشور انعكاس للواقع.