كنت أتمنى ألاّ يصل حال بعض الزعماء العرب إلى ما وصل إليه، هاهم يتساقطون كالفراش يتهاوون أمام إرادة الشعوب التي لا يفت من عضدها وكثرة الدماء والشهداء والدمار، وكأن هؤلاء الزعماء لا علاقة لهم بشعوبهم ولا بأوطانهم ؛ لأن شعارهم الذي يرفعونه "أنا ومن بعدي الطوفان"، أنانية مفرطة وحب للذات لا مثيل له. بعد أكثر من ستة أشهر ودماء كالأنهار وقتلى وجرحى بعشرات الآلاف وتدمير شبه كامل لليبيا، سقط معمر القذافي دكتاتور ليبيا وسيرغم رغم أنفه على الرحيل إن لم يكن قد رحل، بعد أن فر من حوله الشعب الليبي، كما يفر الإنسان من الأسد مذعورا لا يدري الوجهة خاصة عندما توصد كل الأبواب في وجهه، أو أنه مازال يلوذ في مخبئه ولا يعلم ما هو مصيره، هل سينحر نفسه خشية أن يقع في قبضة الشعب ويقدم للمحاكمة؟! وفي كلا الأمرين سيقع الطاغية وينتهي زمنه وسيلقى مصيره . ما يحدث الآن في ليبيا رسالة قوية لمن لم يفهم رسالة ابن علي ومبارك، فأوغل القذافي والأسد في دماء شعوبهم ولم يتعظوا بما يجري، ومازالوا يصرون على تحدي إرادة الشعوب التي تواجه هذه الأنظمة بصدور عارية، وسقط منهم عشرات الآلاف من الشهداء، وتوحدوا خلف شعارات من سبقهم ولكن بعبارات مختلفة ، بلطجية كالشبيحة، وعليها يمكن القياس، معتقدين أن ما يفعلونه سيعيد لهم مكانتهم وسيطرتهم، ولكن هيهات فالعبرة أمامهم، فلم يُبق القذافي من أداة قتل إلا استخدمها ضد أبناء شعبه، من: صواريخ أو طائرات، ومرتزقة وقتل ودمار، ولم يُبق له خطوطا للرجعة فأوغل في دم شعبه، ولكن النهاية سقوط له وعلو لشعبه، وهذا يؤكد للمرة الثالثة لطواغيت العرب أن إرادة الشعوب أقوى من إرادة الحكام. نظام سوريا .. ألم تتعظ وتوقف حمامات الدماء في حمص واللاذقية وحماة وريف دمشق ودير الزور وغيرها من مدن سوريا الشام، سوريا التاريخ والحضارة، ألم تع الدرس فتعلم ما تبقى لك من أوراق أعتقد أنه سهل حملها وتهرب قبل أن تصلك يد العدالة الشعبية؟! ألا تكتفي بهذا القدر من الدماء والقتلى والجرحى والدمار ؟! لماذا لا تتركون لأنفسهم مساحات للذكرى الجميلة في صفحات وذاكرة شعوبكم؟! ماذا تنتظرون؟! أ فما يحكم الغرب أو الشرق هو مصالحه، وإذا انتفت المصلحة عنده فسيسلمكم لشعوبكم بلا ثمن ويتخلى عنكم. فهل فيكم عاقل يتعظ، أم أنكم "على قلوب أقفالها"؟!