حين تنتمي تجربة ما لزمنٍ معيّن فلابد أن تحمل هوية ذلك الزمن وطابعه ونكهته والكثير من ملامحه التي تبدو مألوفة لمن تجمعهم ذاكرة مشتركة هي بالمحصلة النهاية ذاكرة ذلك الزمن وإنسانه. كثيراً ما بدت لي مرجعية التجربة الإنسانية في شعر الفوازي عائدة إلى زمنٍ مضى كانت القيم فيه (قطب الرحى) لكل باحث عن الشعر في صورة إنسان أو الإنسان في ملامح قصيدة. لكن شيئاً ما تغيّر في عصر الأربعاء الموافق للحادي عشر من جمادى الأولى من عام 1427 للهجرة حين وجدت تلك التجربة حيّة في صورتها الأصلية التي لا تنتمى لزمن بقدر ما تنتمي لصاحبها الذي يحمل ذاكرة جيل وقع بالمنتصف ما بين تجارب حياتية حادة ومتناقضة لو مرّت بسواه في مكان آخر لكان أخف أضرارها (ازدواج الشخصية)..! الفوازي القارئ الجيّد للحدث السياسي والمتابع له، والذي يملك مكتبة عامرة بكل ما يغذي الفكر هو ذاته الفوازي الشاعر الزاهد بكل ما يكتب وليس بكل ما يُكتب، وما أكبر الفرق بينه وبين من يقفون بالجهة المقابلة وينطلقون من ذواتهم (المتضخمة). حدثني عن نصٍ جديد جاء بعد لأيٍ ومعاناة، وأبى أن يخرج للنور حتى لأقرب أصدقائه، وحدثتني ملامحه عن تجارب أخرى عميقة ومختزلة ربما لم يحن الوقت بعد لتسجيلها.