* هاتان حكايتان طريفتان لا تخلو أحاديثنا الخاصة والعامة من الخوض فيهما لدرجة بث الخوف والرعب من هؤلاء الأشخاص الذين يملكون أكثر من وجه، ويتحدثون بأكثر من لسان.. و"أبو وجهين" شخصية متواجدة في مواقع وأماكن كثيرة، يُقابلك فيقول لك "الدنيا من غيرك ما لها طعم ولا معنى" فتفرح بعبارته، وتطبطب على كتفه مؤكداً نفس الشعور والإحساس عندك، فإذا مضيت عنه عدة خطوات أخرج لسانه باتجاهك، ورسم على وجهه حقيقة مشاعره نحوك! ويلتقيك في العمل فيقول لك "إن العمل بدونك ضائع"، فتبدي تواضعك، وتقول أن الآخرين فيهم البركة، ولا تكاد تنهمك في قراءة الأوراق حتى يغمز بعينيه نحو بقية الزملاء من الموجودين، أو المتواجدين مؤكداً أن عملية "النفخ" أدت الغرض تماماً؟ ولسنا بسبيل حصر مواقف "ذوي الوجهين" فهذه مهمة صعبة جداً سواءً اعتمدنا على "التجارب الخاصة" أو عمليات النقل التي نسمعها عن الآخرين، لكننا أمام موقف طريف يعكس خوف "الحيوانات القاتلة" من ذوي الوجهين وهو أمر يدعو للتفكير، ففي منطقة "سنودار" في الهند يرتدي السكان قناعاً يمثل وجهاً بشرياً على الجزء الخلفي من الرأس ليصبح الشخص بوجهين فتخاف النمور القاتلة من مواجهتهم، وتركض في اتجاهات بعيدة، فيسلم السكان من افتراس هذه النمور "بحكم أن النمر يقفز على فريسته من الخلف ولا يواجهها من الأمام، ونفس الأسلوب البشري الغادر"! وبعد نجاح الفكرة حاولوا المبالغة في إخافة "النمور" فارتدوا أربعة أقنعة كانت بمثابة مفتاح لمعرفة النمور، بحاستها القتالية أن هذه مبالغة زائدة عن الحد، فكان أن دفع هؤلاء الأشخاص حياتهم ثمناً عندما كشفت النمور اللعبة فهاجمتهم، وتلذذت بلحمهم، وعظمهم "على أساس أن الهنود لا يوجد فيهم شحم على الإطلاق إلا فيما ندر"!! ومن الوجوه المتعددة، إلى الألسنة المتقلبة نسأل: هل يستطيع الإنسان أن يعيش مع شخص له ثلاثة ألسنة.. * يستطيع بشرط أن يعرف لون كل لسان.. * المسألة ليس فيها غمز، أو لمز فقد تم اكتشاف شخص بثلاثة ألسنة في نيبال.. * تقصد لسان على اليمين، ولسان على اليسار، ولسان في الوسط.. * أنا لا اقصد ذلك.. لكن كيف يكون هناك شخص بثلاثة ألسنة في وقت واحد إذا كان اللسان الواحد مشكلة في حد ذاته. * الخبر تسرب هكذا، وانتشر هكذا، وأذيع على الملأ هكذا، وتخاطفته الأسماع والأفواه، والأقلام هكذا، وأصبح مصدر فكاهة من ناحية، ومصدر غرابة من ناحية، ومصدر قلق من ناحية ثالثة، مصدر الفكاهة سببه شكوى الناس من لسان واحد فيظهر شخص بثلاثة ألسنة، ومصدر الغرابة سببه التنافس المنتظر بين الألسنة الثلاثة حيث يرى كل لسان أن من حقه أن ينفرد بالحديث، وأن ينفرد بالكلام، والخصام، والسلام، ومصدر القلق سببه الرعب الذي سيبثه شخص بثلاثة ألسنة مقابل أشخاص بلسان واحد. * إذا وضعنا "الفكاهة" إلى جوار "الغرابة"، إلى جوار "القلق" كان بإمكاننا أن ندرك أهمية الاعتماد على اللون عند كل ذي لسان. * وما أهمية اللون عند كل ذي لسان؟! * اللون مهم للغاية في هذه الظروف، فإذا كان لون اللسان نظيفاً فلا خوف أن يكون الشخص بثلاثة ألسنة، أو عشرة، وإذا كان لون اللسان غير نظيف كان اللسان الواحد مخيفاً، يتلون، ويتقلب، ويتشقلب، وأسوأ ما في الإنسان حينما يتلون لسانه، ويتقلب، ويتشقلب، ويميل. * هل يوجد لسان لا يتلون، ولا يتقلب؟ * توجد ألسنة لا تتلون، ولا تتقلب، ولا تميل، كما توجد ألسنة تتلون، وتتقلب، وتميل في الدقيقة الواحدة مائة مرة.. * من يتفوق على الآخر: الألسنة النظيفة، أم الألسنة الملتوية. * تبدو صورة التفوق ظاهرياً لصالح الألسنة المتلونة، بينما تبدو صورة الألسنة النظيفة بعيدة عن ميادين اقتناص الفرص، والغنائم الرخيصة والسريعة، والعاجلة والمشبوهة. * هل يعتبر هذا تفوقاً؟! * كما لا يجوز أن يكون هذا تفوقاً فإن اكتشاف شخص بثلاثة ألسنة لا يعتبر مزعجاً على أساس أن وجود شخص واحد، بلسان واحد، قادر على تلويث مناخات نظيفة ولكن هذه المناخات لا تتجاوز أنف صاحبها!