لا يمكن الحديث عن أخلاق وآداب المحامي بصفة خاصة والمحاماة بصفة عامة وبصدق وحقيقة إلا في ظل تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والذي أعطى هذه المهنة قدراً كبيراً من الاهتمام وجعل للمحامي قدرة في التمييز بين الحق والباطل ؛ والإسلام يعتبر الأساس الذي ينظم الحياة الاجتماعية للفرد والمجتمع في كل جانب من جوانب الحياة، ولا يتغير بسبب اختلاف الزمان أو المكان، وذلك لما تتميز به الشريعة الإسلامية من ثبات المبدأ ومرونة التطبيق، وبما أن آداب واخلاق مهنة المحاماة كثيرة ولا يتسع المجال هنا لتناول جميع هذه الآداب والأخلاق بشيء من التفصيل لأن التفصيل لا يحسن في وقت الإجمال، ولذلك سيكون الاقتصار على تناول أبرزها وأهمها، وهي تقوى الله تعالى.. وليس ثمة أدنى شك في أن مراقبة الله تعالي تعتبر أعظم هذه الأخلاق وأصلها وهي صمام الأمان ضد أي تجاوزات أو ممارسات خاطئة، فالمحامي الذي يستشعر المعنى العميق لقوله تعالي [ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَات ِوَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . ] تجده يراقب الله تعالى في سره وجهره وقوله وعمله وفي كل أحواله، ويضبط جميع أعماله وسائر تصرفاته على أساس ميزان الشرع العادل والدقيق،وذلك لأنه يعلم يقيناً أن الله تعالى يعلم السر وأخفى وانه محاسب على كل صغيرة وكبيرة ، لذا تجده دائما صادقاً في القول، مخلصاً في العمل، حافظاً للأمانة، موفياً للعهد والوعد، ثابتاً على المنهج صابراً على تبعاته،ناء عن القبيح، لا يقبل الضيم ولا يهتم بسفاسف الأمور، دأبه وديدنه تحري الحق والعدل في القول والعمل، والحرص على التجمل بمكارم الأخلاق، والانصراف عن كل ما يسيء إلى الدين ويمس الشرف والمروءة بسوء، وأما أذا جرى التقصير في هذا الجانب وطغت المادة ونزوات النفس وأهواؤها على حساب كل القيم والمبادئ الأخلاقية جرياً وراء المصالح الشخصية والأهواء والحظوظ بلا قيد أو رقيب أو ضابط أو وازع ديني أو أخلاقي ؛ وأصبح ظمأ المال أشد من ظمأ الماء، فسترى مظاهر من التلوث الخلقي مثل الكذب والتدليس والمغالطة والظلم وغياب الإتقان، مما سيكون له الأثر السلبي على مهنة المحاماة ووبالاً على المحامي وسيرته. مستشار قانوني nezar23@ homail.com