لم تكن يوما ما تراود مخيلتي فكرة الكتابة عن آداب واخلاق مهنة المحاماة إلا أن طلب مني صديق كريم المنزلة أن أطلع على مذكرة قانونية معدة من قبل مكتب محاماة.. وما أن بدأت في قراءة المذكرة حتى شعرت بالأسى لأنني لم أجد بالمذكرة سوى عبارات فضفاضة لا يدعمها أي سند قانوني، وحادت بعيدا عن لب الموضوع واهتمت بالقشور وانهالت على الخصم بأسلوب وعبارات لا تليق برجل القانون واطاحت بكل القيم الأخلاقية. وحينها خطر ببالي أن أتطرق لهذا الموضوع.. ولكنني ترددت كثيرا بسبب انشغالي بأمور أخرى، حتى اطلعت يوما على مسودة عقد فوجدتها تتضمن جملا طويلة وعبارات غير دقيقة تحمل أكثر من مدلول وتكرار مخل وحشو في غير محله وقد صيغت موادها بمضامين لا تمت لمفهوم التوازن المالي للعقد بصلة، الأمرالذي دفعني لأخوض هذا المعترك وأعقد العزم على الكتابة فيه. وثمة سبب آخر جعلني أتحمس للموضوع وهو الواقع المرير الذي نعيشه هذه الأيام وما تشهده الساحة القانونية من فوضى عارمة تمارس من قبل بعض من ينتسبون لمهنة المحاماة.. فقد اختلط الحابل بالنابل واصبح من الصعب التفريق بين النافع والضار والصالح والطالح والخاثر والزبد.ولا يعني ذلك أنني أقلل من الجهود القائمة في سبيل توفير مناخ سليم لممارسة هذه المهنة، أو ان أهضم حق كثير من المحامين الشرفاء والذين هم في قمة الحرفية والاختصاص والاخلاص ومحل تقدير واحترام الجميع لا يمكن لأحد المساس والمزايدة عليهم، وآثارهم خير شاهد على ذلك.. وأن المحاماة أولاً وقبل كل شيء فهي أمانة في عنق من يمتهنها ومسؤولية جسيمة في إصحاح الحق وإبطال الباطل حيث لا يخفى على كل ذي لب الدور الكبير الذي تقوم به في خدمة المجتمع، فهي تمثل الوجه الثاني للعدالة وهو الشيء الذي دفع الكثيرين لإعطاء المحامي لقب القاضي الواقف. لذا كان من المفيد جدا أن أذكر نفسي وكل من يمتهن هذه المهنة الشريفة أكان محاميا أو مستشار قانونيا أو أي مسمى آخر - سواء أكان أجيرا عاما أو خاصا - أن يتحلى بآداب وأخلاق هذه المهنة الجليلة. وفي مقالنا القادم سوف نشير بإذن الله تعالى إلى أول أدب من آداب المهنة وخلق من أخلاقياتها.. وأناشد الأحباب وكل من يقرأ مقالنا أن لا يبخل علينا بالنصح أو التعليق أو الإرشاد وأن يأخذ بنواصي أقلامنا للصواب وأن يبصرنا بالنقد الباني حتى نساهم في إصلاح المسار.وأخيرا وليس آخر أسال الله تعالى العلي القدير التوفيق والسداد فيما اصبو إليه وأريد.. فإن حالفني الحظ وأصبت فهو من عند الله جل جلاله وإلا ذلك مني ومن الشيطان. مستشار قانوني nezar23@ homail.com