من المهم أن يعتني الشخص بمظهره أمام الناس بحكم أن الانطباع الأول قد يتأثر عند الطرف الآخر بناءً على المظهر العام الذي يشاهده في الوهلة الأولى، ولكن إذا ما أصبح المظهر هو الوسيلة الأساسية للحكم على الشخص الذي أمامك وبالذات في الأمور المهمة والارتباطات الاستراتيجية، نكون قد وضعنا بأنفسنا لبنة الضياع التي سوف نتأكد منها بعد أن يكون الوقت متأخراً للتغيير أو مكلفاً، ولذلك يحذر علم الشخصية من تأثر الإنسان بعدة مؤثرات لتكوين الانطباع والتي يأتي على رأسها تأثير المظاهر (Halo Effect ) والتي نسميها الهالة التي تحضر أو تظهر مع الشخص. للأسف الشديد أصبح الغالبية من المجتمع يعتمدون على المظهر حتى بدون هالة في تقرير أهم ارتباطاتهم الحياتية الاستراتيجية مثل الصداقة، الزواج أو حتى العمل، أغلب البنات لا ينظرن لغير جمال وجه الرجل وتفاصيل بنيته لاختياره كزوج ولا يهمها ما سيكون عليه الحال بهذا المظهر عندما تكتشف أن الجوهر فارغاً إن لم يكن مليئا بمختلف النفايات الفكرية والتعقيدات الشخصية التي يصبح أمامها المظهر لا يمثل أي شيء، أغلب الشباب يركز على ملابس ونوع سيارة الشاب الآخر لتكون وسيلة أساسية لبدء صداقة أو حتى لقبول المرافقة في السفر. أعتقد أن السبب الرئيسي في ازدياد الاهتمام بالمظهر في مجتمعنا يعود لتقصير التعليم المفرط في التعرض لعلوم الشخصية وتعريف النشء أن الجوهر هو الأهم بالعناية والمهم في الإنسان ومن بعده يأتي الاهتمام بالمظهر الذي لا يمكن تجاوزه أو الاستغناء عنه، ولهذا نجد أن الكثير من مشاكلنا الاجتماعية المستشرية والتي يأتي على رأسها الطلاق والمعاكسات سببها الاهتمام بالمظهر وعدم الاعتناء بالجوهر الأمر الذي يجعل الإنسان يتصرف كالحيوان في اتباعه لما يثيره وليس ما يفيده. من المؤشرات التي تؤكد اختلال الرؤية عند غالبية المجتمع تجد الاهتمام المبالغ فيه لاقتناء أرقى الملابس والكماليات وإن كانت مزيفة بشكل جعلنا سوقا ضخما لهذه التجارة المحظورة، وفي المقابل تلاحظ عزوف كامل عن القراءة واقتناء الكتب المفيدة لدرجة أننا أصبحنا من أقل الأسواق في استهلاك الكتب أو حتى إنتاج الكتب من غير الروايات العاطفية والشعر والذي يتأثر بالهالة والعاطفة أكثر من العقل والتبصر. نحتاج إلى حملات توعية مكثفة في المدارس، المساجد، الملاعب والشوارع نستخدمها لتعويض ما لم يتعلمه الشباب في المناهج بطريقة مبسطة ومؤثرة تساعدنا في تطوير أفراد يستطيعون أن يتعاملوا مع وسائل الاتصال الحديثة بواقعية وليس بعاطفية أصبحت هي المحرك لكل أفكار وأفعال أغلب الشباب. نحتاج لخطباء يركزون خطب الجمعة لهذه الأهداف المهمة للمجتمع بدلاً من التكرار الممل لأنواع العذاب وقصص الماضي التي لم تؤثر في المجتمع لأنها لم تلامس أحواله وآماله الدنيوية كما هو حال الأخروية، نريد أخوات يجلسن مع البنات لتعريفهن بأن الجوهر في شريك العمر يأتي قبل المظهر حتى نتفادى معدل الارتباط والانفصال السريع والمرتفع والذي يؤدي لمشاكل اجتماعية تسبب الانحراف. عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا