من الأمور الجميلة ,والمضيئة على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب تكريم عدد من الرواد السعوديين الذين أسهموا بفكرهم, وأدبهم وعلمهم وثقافتهم طيلة حياتهم وتركوا أثرا جيدا انطبع في ذاكرة الجميع ومن بين الأسماء الذين حدّدتهم وزارة الثقافة والإعلام لهذا العام الشيخ أحمد بن على المبارك, والأستاذ عبدالله جفري, والدكتور غازي القصيبي, والدكتور محمد عبده يماني, وهؤلاء الذين توفوا قبل فترة وجيزة لهم نتاجات متنوعة أثرت المكتبة السعودية بل العربية بالمفيد. وللشيخ المبارك العديد من المؤلفات (رحلة الأمل والألم)ورسائله في المودة والعقاب والأعتذار والرثاء, وآخر بعنوان (سوانح الفكر )وهي مجموعة من الخواطر والمقالات والبحوث إلى جانب كتاب بعنوان (عبقرية الملك عبد العزيز )وعلماء الأحساء ومكانتهم العلمية والأدبية, فضلا عن بعض المخطوطات تتعلق بالجانب التاريخي والاجتماعي في الأحساء. أما عبدالله جفري, كاتب الوجدان قدّم للمكتبة مايزيد عن 34 كتاباً في القصة القصيرة والرواية والثقافة والجوانب الإنسانية والإبداعية وقراءات في الواقع العربي, الى جانب عدد من الكتب لم يصدرها في فترة حياته .والمرحوم الجفري صاحب أسلوب مميز ومفردته أنيقة يغمس ريشة قلمه في مداد قلبه ليحيلها إلى فراشات ملونة, وأزهار عبقة, وسحابات بيضاء,يُعتبر الجفري سيد الكلمة الوجدانية, عذب الأسلوب رقيق المعاني, جميل العبارة, خرج عن السياق العام لينتهج أسلوبا متفرداً, كما قال عنه الدكتور عبدالعزز السبيل وكيل وزارة الثقافة السابق.(يظل الجفري خالدا في ذاكرة الأجيال من خلال تراثه الإبداعي والثقافي المتميزين).ولم اجد أجمل وأنقى وأصدق مما قاله الدكتور غازي القصيبي حين رثاه: آه عبد الله يبكي قلم دفء كفيك وقرطاس أمين الحروف الخضر من يرسلها في سماء الحب تقسو وتلين وسطور العشق من يكتبها بسواد العين والقلب الطعين من نعزي فيك؟ أسفار الهوى أم شذى الكلمة أم أبهى سنين زمني بالموت يسمو ما له بمواعيد الأحباء ظنين وكأن القصيبي بمرثيته, يرثي نفسة ويترقب لحظة الفراق ليلحق بالجفري رحمهم الله جميعا.وحين تنتهج وزارة الثقافة والإعلام هذا النهج, تهدف الى ربط الاجيال الجديدة بأسلافهم الذين خدموا الأدب والثقافة والفكر,في خطوة مضيئة تنم عن وفاء وإنسانية وأسلوب حضاري يستحقه هؤلاء الذين كرسوا حياتهم من أجل الارتقاء بمجتمعهم فكريا. على أمل ان تستمر إذ أن الذين خدموا هذا الجانب كثيرون وجميعهم يستحقون التفاته ليس فقط من وزارة الثقافة بل من جميع مؤسسات المجتمع. في مقال قادم سيكون حديث (ومضات)عن المكرمين الآخرين وهما, د غازي القصيبي, والدكتور محمد عبده يماني بإذن الله.