بلغ إجمالي تحويلات العاملين في المملكة للنصف الأول من العام 2010م كما جاء في آخر تقرير لمؤسسة النقد حوالي 50 مليار ريال ، رقم كبير كما يبدو لأول وهلة ، وهو بلا شك كذلك ، لكن المفاجأة عندما تكتشف -عن طريق إجراء عملية حسابية بسيطة - أن الحقيقة غير ذلك أو يمكن قراءتها بشكل مختلف ، فعند تقسيم ذلك الرقم-ال 50 مليار ريال- على عدد العاملين الأجانب (غير السعوديين) والذي يصل إلى 5,8 مليون بحسب آخر إحصائية لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ، يتضح أن متوسط تحويل الفرد يبلغ 980 ريالا شهريا أي أقل من 6000 ريال في 6 أشهر وهو رقم ليس بالكبير إذا ما قورن بإجمالي الدخول ، إذاً أين تكمن المشكلة وكيفية حلها ، وهو ما يعبر عنه في علم الإدارة بخطوات الحل للوصول إلى البدائل المناسبة على أساس علمي ومنهج سليم (تشخيص المشكلة ثم توصيفها وتحديد البدائل تمهيداً لاختيار الأمثل). هل المشكلة في خروج هذه المبالغ الضخمة نسبياً من مدخرات البلاد إلى خارجها ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد الوطني ، أم في عدد العاملين الأجانب والتي يُعتقد أنه السبب الرئيس وراء ارتفاع معدل البطالة حيث بلغ عدد العاطلين في آخر إحصاء حوالي 400 ألف من الجنسين ، أم أن المشكلة في الإثنين معاً ، خصوصاً أن الرأي التقليدي يؤمن بأن وجود العمالة الأجنبية ساهم في رفع معدل البطالة وخروج هذه المليارات من الدخل القومي مع إمكانية الإستغناء عنهم . من وجهة نظري أن ذلك قد يكون صحيحاً في حالة العمالة غير النظامية الزائدة والتي تتنقل هنا وهناك، لكنها بالتأكيد لاتشمل العمالة المنتجة والتي شاركت وما تزال في بناء هذا الوطن، ومما لا شك فيه أن الهدف الرئيس من مبدأ السعودة هو تقليص عدد العاطلين ، إلاّ أن الجهات المعنية قد أساءت فهمه وانعكس ذلك على أسلوب وكيفية تطبيقه . فكرة السعودة تقوم على إيجاد عمل لكل مواطن سعودي بشرط توافر القدرة والرغبة في العمل وليست -أي السعودة- إلغاء عقد الأجنبي وترحيله أو منع استقدامه كما هو مُنتهج ، إن المطلوب هو إيجاد فرصة عمل للعاطلين الذي بلغ 400 ألف عاطل ويكون ذلك عن طريق استبداله أو إحلاله بنفس العدد من الأجانب (غير السعودين) وإلغاء عقودهم وليس بترحيل جميعهم ، فسوق العمل في حاجة إلى مالايقل عن 8 ملايين أجنبي لتسيير دفة العمل (الفرق بعد طرح عدد العاطلين) . أما بخصوص النقطة الأساسية وهي رقم التحويل إلى الخارج والرغبة المُلحة في خفضه إلى أدنى مستوى ممكن فلا يكون إلا عن طريق إيجاد سبل وآلية لرفع معدل الإنفاق للعامل الأجنبي داخل البلد فيقوم بتحويل 30% فقط من دخله أو أقل بدلاَ من 70% أو أكثر ، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال وسيلتين رئيسيين ، الأولى بالسماح له استقدام عائلته والثانية بالدخول في سوق الأسهم السعودية والاستثمار به من خلال تنظيم معين . وبغير هاتين الطريقتين وفي ظل حاجتنا الماسة إلى تلك العمالة لسد عجز حاجة السوق تظل مشكلة التحويلات النقدية قائمة ، إلا إذا كان المطلوب أن يكون عمله مجاناً بلا مقابل ويكفيه الأجر من الله أو أن يتبرع بدخله إلى الجمعيات الخيرية . فاكس 6602228 02