حذر اقتصاديان سعوديان من مخاطر زيادة أعداد العمالة الوافدة في السعودية، وارتفاع حجم الأموال التي تقوم بتحويلها إلى الخارج، مشيرين إلى أن تلك العمالة حولت خلال خمس سنوات (2006 إلى 2011) نحو 500 بليون ريال. وطالبا في حديثهما ل«الحياة» بوضع حلول ناجعة لمشكلة البطالة، وإيجاد عدد كبير من السياسات المهمة والإجراءات التي تعالج هذه المشكلة، وذلك بالحد من استقدام العمالة الوافدة ومنح فرص وظيفية للمواطنين والمواطنات، وحثا على إيجاد طرق عدة يمكن من خلالها الاستفادة من جزء من تحويلات العمالة، واستثمارها محلياً. وأوضحت الدراسات المتخصصة أن حجم تحويلات العمالة الأجنبية في المملكة بلغت خلال الأعوام العشرة الماضية نحو 500 بليون ريال، خصوصاً مع زيادة المشاريع الإنمائية في المملكة خلال السنوات الخمس الأخيرة، الأمر الذي استدعى إلى زيادة الأيدي العاملة لتنفيذ تلك المشاريع. وتعد السعودية أكبر سوق للعمالة الوافدة في منطقة الخليج العربي، إذ أوضحت آخر الإحصاءات الصادرة من وزارة الاقتصاد والتخطيط لعام 2010 أن عدد العمالة الوافدة بلغ 8.4 مليون عامل وافد، يشكلون 31.1 في المئة من إجمالي عدد السكان في السعودية، وبلغ النمو السنوي لهذه العمالة الوافدة العام الماضي 23.4 في المئة مقارنة بالعام 2009. وأوضح عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبدالحميد العمري، أن تحويلات العمالة الوافدة تعكس عدداً من المشكلات والتي تكمن في زيادة التسرب الاقتصادي والمالي من خلال تحويلات العمالة، وبنسبة 16 في المئة من حجم الاقتصاد غير النفطي في السعودية، ما يعكس زيادة في أعداد استقدام العمالة، في مقابل تقلص فرص الوظائف أمام المواطنين والمواطنات، والذي يترتب على إثرها زيادة نسبة البطالة. ورأى العمري أن هذه المشكلات ستؤدي إلى تشوهات اقتصادية خطيرة تؤثر في دورة رأس المال والاستثمار داخل الاقتصاد واستقراره، وستخفض من مستوى الدخل والرفاهية الاقتصادية لدى المواطنين، وتزيد عدد العاطلين الذي تراوح أعدادهم ما بين مليون و1.5 مليون عاطل، والذي يؤدي بدوره إلى ازدياد الفقر، «وفي حالة استمرار ذلك ستتفاقم المشكلات وتؤثر في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية». من جهته، قال الكاتب الاقتصادي محمد العنقري، إن الزيادة المستمرة في عدد العمالة الوافدة وارتفاع رواتبها خلال السنوات الخمس الأخيرة بشكل كبير، جاء مواكباً لزيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية، وما يتطلب ذلك من زيادة في حجم القوى العاملة لإنجازها، ويأتي الاعتماد في جلها على العمالة الوافدة، وهذا يعني استيراد الخدمات بشكل كبير جداً، لأن استقدام العمالة هو جزء من استيراد الخدمات. وأكد العنقري أن الاعتماد على العمالة الوافدة وتجاهل العمالة الوطنية خسارة كبيرة، ويؤدي إلى تزايد البطالة بين المواطنين، على رغم نمو الاقتصاد الوطني، وهذا يعد خللاً هيكلياً في سوق العمل لا بد من معالجته، ففي مقابل كل فرصة عمل يوجدها الاقتصاد بالإنفاق الحكومي يتم استقدام وافد بدلاً من التفكير في توظيف مواطن، تحت حجج واهية ومملة. وأشار إلى وجود طرق متعددة يمكن من خلالها الاستفادة من جزء من تحويلات العمالة، منها تشجيعهم على الاستثمار محلياً عبر القنوات والأساليب المتعارف عليها وتطويرها بما يوطن هذه الأموال ويعكس إيجابيتها على الاقتصاد. ولفت العنقري إلى أن السعوديين يحتاجون إلى فرص وظيفية، في حين يتزايد عدد العمالة الوافدة سنوياً مع نمو الاقتصاد وتنفيذ مشاريع ضخمة في البلاد، وعلى رغم ذلك يجد المواطن فرص العمل سلبت منه وأعطيت للعامل الأجنبي الذي يقوم بتحويل كامل دخله إلى الخارج، ويبقى المواطن عاطلاً عن العمل.