عطفاً على ماكتبته قبل أشهر هنا تحت عنوان (العالم تحت وطأة العوالم) وماكتبته في الأسبوع الماضي حول (ثورات العرب بلا نهج) أجدني مشدوداً إلى مقالات كتبتها منذ قرابة عقدين سيما حينما اطالع عالمنا العربي اليوم وتمسك الرؤساء العرب بكراسي الحكم بالنار والدمار، سيما في تلك الدول التي كانت تتدعي ومنذ (40) عاماً الاشتراكية وحكم الشعب ومشاركة الجماهير والتقدمية مع التأكيد من قبل وسائل إعلامهم على أن (الحكومات الملكية) رجعية وحكومات متخلفة، حتى يومها اقتنع الغالبية من العامة في عالمنا العربي، أن مجرد اسم (أمن الدولة) يثير الرعب والخوف بمجرد سماعه، وماكان ذلك إلا نتيجة طبيعية لمعايشة في الدول المدعية التحرر والتقدم وأيضاً نتاج سماع في الدول المعتدلة والتي كانت تسمى (بالرجعية) بحكم من يفد إليها من الإخوة الأشقاء الوافدين من تدلك الدول العربية هرباً من التعذيب والإعدام خلف الأسوار المغلقة وأحياناً القتل الجماعي المدبر وأحياناً في ميادين مفتوحة ومؤمرات مشهورة، و الذين كانوا ينقلون لنا صور سيئة للغاية عن (أجهزة أمن الدولة) في بلدانهم إذ كان العالم العربي حينها يعايش أوضاعاً مأسوية ضاعفت من معاناتها نكسة حزيران 67 . وقبل أن اتطرق إلى ما أنا بصدده رأيت من واجبي، أن اشير إلى أن تلك الأوضاع الصاخبة في الستينيات والسبعينيات في عالمنا العربي كانت توجب على العاقل المتابع الحصيف وكما كنا هنا وبفطرة سليمة نقارن بين مانسمع وما أمامنا من مسمى سيما وإن مهام المباحث في هذا الكيان الشامخ وقتها ومع بداياتها كانت تتركزعلى (مكافحة المخدرات والتزييف والتزوير والرشوة والجرائم الأخلاقية) إلى أن صدر القرار الإداري رقم 5 / ق في 9/9/ 1392 م بنقل تلك الأعمال والمهام إلى إدارة وقطاعات أخرى، ونحن نعرف انعكاس آثار تلك الجرائم على الفرد والمجتمع وأنها كانت تعد الكبائر ذاتها، بل إن من يتعاطها كان المجتمع لايرحمه حتى بعد العقاب والتوبة، مما جعل الناس يتحاشون الاقتراب من هذه الإدارة . بعدها تشرفت هذه الإدارة والتي سميت فيما بعد (بالمباحث العامة) بحماية أمن هذا البلد الآمن الوارف الظلال بفضل من الله ثم بفضل قيادتنا الحكيمة، لذلك كان لتلك الفترة من خلال ممارسات من حولنا ومن خلال مهامها آنذاك كما أشرت، أثر سلبي على تفهم العامة رسالة ومهام المباحث العامة، وأن رجل الأمن المجهول في مرفق المباحث العامة، الذي هو خط الدفاع الأول في وجه كل ماقد يحاك لهذه البلاد الطاهرة حكومة وشعباً. وبعد أن تطورت الأوضاع وأصبح العالم قرية، إدرك الجميع دور المباحث العامة، خصوصاً في دولة كالمملكة العربية السعودية، والتي يعيش على أرضها أكثر من (7) ملايين وافد وتستضيف في العام أكثر من عشرة مليون حاج وزائر ومعتمر، وأن إدارة (المباحث العامة) كانت استجابة ملحة للمحافظة على المكتسبات من تقدم علمي وتقني وحضاري وعمراني وثقافي واقتصادي، حينها أدرك الكل منجزات وبراعة رجال المباحث العامة، والعين التي لاتنام والتي وفقها الله لأن تكون فعلاً الحرز الآمين لكل مكتسبات هذا الكيان، أدرك الطالب دورها في استباب الأمن ومواصلة التحصيل العلمي، كذلك رجل الأعمال تفهم كم هي تسهم في نمو الاقتصاد وتطور مجالات الاستثمار، والكل بمختلف مشاربهم استوعبوا الدور والأهمية والمرتكزات، وسطر رجال المباحث من البطولات الميدانية سواء الوقائية منها أو العلاجية ما حق لكل مواطن ومقيم على هذا الثرى المبارك أن يفخر به، وما كان سبباً مباشراً بتوفيق الله في نشر مظلة الأمن الوارف على هذه المساحة المترامية الأطراف والمتباينة التضاريس والعامرة بالحركة والتنقل والقدوم والمغادرة وراحة وأمن وطمأنينة الحجاج والزوار والمعتمرين والتكفل برعاية أكبر تجمع سنوي على وجه البسيطة أمن وأمان وطاعة رحمان، لتبقى بفضل الله هذه البلاد واحة أمن وأمان يشهد بها القاصي والداني والعدو قبل الصديق، هذا والحديث موصول. جدة ص ب 8894 فاكس 6917993