دمعت عيناي صباح الاثنين عندما قرأت في البلاد نعي الدكتور عبدالرحمن بن طه بخش ترافقه صورة له مبتسمة بابتسامة طالما طبعت العديد من صوره في مناسبات عدة. ومع انني لم اقابل الدكتور عبدالرحمن بخش إلا مرتين فقط إلا أن ذلك كان كافيا لان أحبه واحترمه وكانت المقابلة الاولى قبل اكثر من ثلاثين سنة عندما كنت اتدرب في الاجازة الصيفية لكلية الطب بمستشفى جدة الوطني بجدة وكانت هي ايضا المرة الاولى في حياتي التي اشاهد فيها طبيباً يلبس الثوب والغترة والعقال ولقد فاجأني الدكتور عبدالرحمن بخش عندما دخل غرفة العمليات واستبدل الزي السعودي بلباس العمليات ثم شرع في اجراء العملية. لم يكن الدكتور بخش طبيبا عاديا بل كان مدرسة في العصامية والاصرار على النجاح وفي مراعاة الفقراء والمساكين وذوي الحاجات وقد صمم كما قرأت في البلاد على اخذ الزمالة البريطانية بعد تخرجه من مصر ولم يكن ذلك بالامر السهل كما عرفنا نحن بعد ذلك وبذل مجهودا جبارا لتحقيق هدفه ثم بدأ بعدها عمله الخاص في عيادة صغيرة بحي العمارية وكان يجري عملياته بالمستشفى الوطني. كما امتاز الدكتور عبدالرحمن بخش بعامل مهم للنجاح وهو حب العمل والصبر عليه فلم ينقطع عن العمل وعن الحضور لمستشفاه يوميا حتى عندما تقدم به السن واضطره المرض لأن يحضر ومعه انبوبة للاوكسجين يستعين بها على التنفس. لقد وضع الدكتور عبدالرحمن بخش امام عينيه من البداية هدفا محددا وهو ان يكون له مستشفاه الخاص وسعى لذلك الهدف سعيا حثيثا حتى تملك عددا من المستشفيات الكبيرة وكان بحق رائدا للمستشفيات الخاصة بمدينة جدة وبالمملكة. وقد استطاع الدكتور عبدالرحمن بخش ان ينجح في التغلب على المعادلة الصعبة وهي التوفيق بين التكاليف الهائلة للاستثمار الطبي الخاص وبين الرغبة في مساعدة الناس والتخفيف عن الضعفاء والمساكين مع تحقيق بعض الربح فنجح في حل هذه المعادلة لأن هدفه لم يكن الربح المجرد بل كان مايهمه اكثر هو خدمة الناس وخدمة الوطن. وكان الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه تاجرا محظوظا وقيل له يوما بم ادركت في التجارة ما ادركت ؟ فقال لاني لم اشتر غبناً ولم ارد ربحاً والله يبارك لمن يشاء. وكان الدكتور عبدالرحمن بخش محبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم باراً بالفقراء والمساكين من اهل بيته مثله في ذلك مثل اخوه رجل المبرات والصدقات عبدالله طه بخش الذي سبقه الى دار الخلد قبل سنتين تقريباً رحمهما الله جميعا وجمعهما بمن احباه في جنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. واتمنى ان يستمر ابنه الدكتور طه عبدالرحمن بخش في المحافظة على انجازات والده وان يواصل العمل ويبذل الجهد وان يشابه أباه في اخلاقه واعماله ومن شابه اباه فما ظلم.