ورحل د عبدالرحمن طه بخش أبو الأطباء السعوديين الذي كان من أوائل إن لم يكن هو أول من فتح أبواب العمل في القطاع الخاص لنا كأطباء من الجامعة لنعمل معه بنظام التفرغ الجزئي كنت وقتها حديثة عهد بالعمل الطبي في القطاع الخاص وكان د فؤاد عزب وقتها هو حلقة الوصل بخبرته وعمله سابقا في الجامعة وبدأنا في مستشفى الدكتور عبدالرحمن بخش . وهناك بدأت معرفتي به وهناك عرفت أن للأطباء في بلدي أبًا يحتويهم ويؤمن بقدراتهم وكانت بداية معرفة لرجل تعلمنا منه أبجديات الخلق الرحيم والسمو في التعامل كنت آنذاك في بداياتي واستمررت في العمل عنده لأعوام أدين له فيها بالفضل فقد أكسبني العمل في مشفاه خبرة في كل الأتجاهات . وهناك تعرفت على بناته فعرفت عظمة الأبوة وجمالها من حديث بناته عنه ولم يكن ابنه طه موجودا بعد وكنت أقول لنفسي دائما أي أبوة تقطر من هذا الرجل على ولده وبناته وعلى كل من يعمل معه وعلينا جميعا ومرت بي الأيام وتركت العمل ثم عدت الى مستشفاه يوم أجرى لي أطفال أنابيب أستاذي د سمير عباس وحملت بإبني عبدالله بهذه التقنية فكان للمكان عندي طعم وذكرى وبعدها حملت بإبنتي إسراء بنفس الطريقة وأيضا هناك وأصبحت مستشفى بخش عندي جزءا من تاريخي وتاريخ أبنائي . وجاءت لحظة في العمر لم أعمل لها حسابا وأصبت بسرطان الثدي وشاء لي الله أن أعود الى مستشفى بخش للعلاج فيها وعندما كنت أدخل لزيارة طبيبي وأخي الفاضل أد محمود شاهين كنت أرى ظل حياتي في أركان المستشفى وفترة علاجي وتنويمي رفض أن أدفع ريالا واحدا بطريقة أخجلتني بل وغضب عندما أصررت على الدفع وبطريقة جعلتني أتعلم كرائم الخصال منه وأحمله جميلا له ادين له به. د عبدالرحمن بخش ماهي القصة التي نحكيها عنه كيف نبدأ وأين ننتهي فالرجل قد قدم للقطاع الطبي مشاريعه الطبية في زمن لم يكن في بلدنا إلا هو وعدد صغير فكان من أوائل من أعطى للبلد والمجتمع فخدم بلده وخدم أمته وخدم القطاع الطبي وأدى الأمانة التي أقسم عليها كطبيب . ثم رحل وترك فراغا في قلوب محبيه لكنه ترك أيضا تاريخا للقطاع الطبي الخاص وبصمة في قلوب كل من عرفه وكل من سيرفع يده بالدعاء له لأن مثله قامة لا تنسى ولا يطويها القبر والتراب فهو باذن الله ممن قال عنهم عليه الصلاة والسلام (اذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له ) أدعو الله أن تكون من هؤلاء وأن أكون معك في هذه الزمرة ولجميع أهلك ولكل الأطباء أبنائك أقول أعظم الله أجركم والله من وراء القصد أولا وأخيرا .