تزايد حالات العنف الأسري أمر ملفت للنظر في ظل تحولات طرأت في ثقافة المجتمع السعودي تتطلب استثمار هذه التحولات بشكل إيجابي لجوانب متعددة تمس خصائص الحياة الأسرية التي يعيشها مجتمعنا، كُنا نعتقد أننا في منأى عن الكثير من السلبيات التي تعيشها مجتمعات أخرى تعاني من حالات العنف الأسري والتشرد والانفلات والتفكك وهي بمقياس العصر وثقافة الانفتاح، استحوذت على اهتمامات بعض دول العالم، دون أن يكون لديهم اعتبارات وضوابط اجتماعية، تذكرهم بالأهمية التربوية والاجتماعية التي ينطوي حولها معنى الترابط الاجتماعي، وأن الأسرة وحدة متكاملة بكافة عناصرها، وهذه المحاور هي أكثر ما يشغل تفكير مجتمعنا السعودي، وتربيته الإسلامية المتأصلة والمستوحاة من الكتاب والسنة، وهي المبادئ والسلوكيات الحضارية، التي اقتفاها أثر السلف الصالح، وتوارثتها الأجيال منذ عصر الإسلام الأول، ولم نجد دينا على وجه الأرض تعامل مع الإنسان وكرَّمه أكثر من الدين الإسلامي، مهتما بكل شؤون حياته الخاصة والعامة منذ ولادته مرورا بكافة مراحل حياته، واضعا في طريقه العديد من الإضاءات، التي تمثل له حلولا جذرية ودفاعات حصينة، تؤكد علو منزلته في مجتمعه. لا يُمكننا القول بأننا بحاجة لنظم جديدة ودساتير غربية أو شرقية، فبين أيدينا كتاب الله القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ففيهما ما يشبع نهم الباحثين عن مفاتيح السعادة الأسرية، بأبسط الأساليب التربوية القابلة للتطبيق، والبعيدة عن كل التعقيدات التي يراها البعض كنظرة قاصرة لا تتجاوز الحدود الزمانية والمكانية، والخلفية الثقافية التي يتأهَّل الشخص من خلالها لإدارة دفة الأمور داخل نطاق أسرته، بكل مكوناتها ومعطياتها وقدرتها على التكيف، في محيطها الداخلي ومنع التداخلات الخارجية، فكلما نبعت الحلول من داخل الأسرة كلما كانت أكثر وصولا لعين الحقيقة، وهو ما نتمناه حقيقة لكل أسرة داخل سياجها الآمن، الشيء اللافت والمخيف والنسب المئوية التي أثارت انتباهي ونشرتها جريد المدينة، في عدد السبت الفايت في لقاء مع العقيد الدكتور نايف بن محمد المرواني مؤكدا تزايد حالات العنف الأسري بنسبة 100% في منطقة المدينةالمنورة مقارنة بالأعوام التسعة الماضية، فمجتمع المدينةالمنورة الذي عُرف عنه التسامح ويغلب عليه الهدوء والسكينة كيف وصل به الحال لهذه الظاهرة؟. [email protected]