نعم، رشا في قمة الغضب، فقد وعدت نفسها بأسبوع أعياد يعيد للنفوس صفاءها وللأهل والصحب ودهم ومحبتهم، وأن يكون عام 2011 عام خير وأمن وأمان في كافة البلدان ، فإذا بتفجير الإسكندرية ليلة العام الجديد يقوض الآمال ويفرض الحزن على الجميع، وهي تتقبل التعازي، فالخلق كلهم عيال الله، ومن فقدوا حياتهم أو جزءا من أطرافهم هم من عيال الله وبالتالي هم من أهلها وأصحابها، ولا تجد تفسيرا يبرر هذا الحادث الإجرامي الذي لم يحترم مرتكبه أو مرتكبوه حرمة هذه الأيام المقدسة فقاموا بجريمتهم دون وازع من دين أو ضمير، اللهم إلا انصياعهم الأعمى لمن خطط لهم هذه العملية القذرة الوضيعة فقاموا وبدون وعي أو إحساس بتنفيذها لينالهم غضب الله ومن ثم العقلاء على اختلاف دياناتهم وأعراقهم. وهي غاضبة ومتألمة من بني قومها في الغرب والولايات المتحدة الذين قام بينهم من يُحَمّلْ المسلمين وزر هذه العملية ولما يُكْمِل التحقيق الجنائي مُهمته، وبهذا يصبون الزيت فوق نار التعصب والحقد على الإسلام والمسلمين الذي أصبح اليوم هدف الدولة الصهيونية وأعوانها من أتباع اليمين المتطرف، متناسين أو جاهلين بما بين الإسلام والمسيحية من ترابط وصلات وثيقة امتدت على مدى الأربعة عشر قرنا، بدءا بهجرة المسلمين الأوائل من مكةالمكرمة إلى الحبشة لينجوا بدينهم وعقيدتهم ما ظلوا في حماية رأس الكنيسة المسيحية، وكانت لهم الحماية والأمن والأمان من مسيحيي الحبشة نجاشيا وشعبا، وكان بين رسول المسلمين ونجاشي الحبشة الرسائل والهدايا المتبادلة لتعبر عن عمق الرابط الإيماني بين المسيحية والإسلام، وتناسوا أيضا، إما عن قصد أو عن جهل بالتاريخ، أن مسيحي المشرق العربي هم أول من حمل مشعل المحبة والسلام من يد السيد المسيح ليوقفوا العداء والصدف عند غلاة اليهود، وأنهم هم مسيحيو المشرق العربي الذين وضعوا أيديهم مع طلائع الفتح الإسلامي فكانت العهدة العمرية التي أَمَّنَتْ الجميع على حياتهم وأموالهم وبيوت عباداتهم وحافظت على المسيحية ورسالة السيد المسيح، وأنهم هم مسيحيو المشرق العربي الذين وقفوا إلى جانب القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي وهو يحرر الأرض المقدسة من الفرنجة، والفرنجة في القاموس الإسلامي هم الذين غادروا أوربا في حملات قتل ونهب بعضها باتجاه الأرض المقدسة في فلسطين والبعض الأخر باتجاه الأندلس تحت راية الصليب طمعا في ثروات المشرق العربي والأندلس، وسميت من قبل المؤرخين الغربيين بالحروب الصليبية، فربطوا بين الصليب والدم المسفوك، وتحاشى المؤرخون المسلمون من زج المسيحية والصليب بالدم احتراما منهم للسيد المسيح وإيمانا بالمسيحية فسموها بحروب الفرنجة، والفرنجة هم سكان قارة أوربا. وهنا، وفي ضوء تداعيات تفجير كنيسة الإسكندرية، ومداخلة البابا الذي رأي في أقباط مصر أقلية أو جالية مقيمة فطلب العمل على حمايتهم، ترى رشا أنه لا بد من وقفة شجاعة من بابا الفاتيكان والمؤرخين ورجال الدين المسيحي ليقدموا لجيلنا وللأجيال القادمة الصورة الصحيحة للإسلام، الدين الذي طلب من أتباعه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، دون تفريق بين أحد من رسله، وبهذا آخى القرآن بين السيد المسيح والنبي محمد بن عبد الله، وتآخى في ضوء ذلك المسلمون مع المسيحيين الذين سبقوهم بالإيمان بالله وبنشر المحبة والسلام بين البشر، مؤكدة على ضرورة إعادة النظر في الكتب المدرسية لتصويبها وفق الحقيقة وما يتطلبه الإيمان بالله، وآملة من ذلك لجم دعاة العنصرية ووضع حد للمستفيدين من الصدام بين المسيحيين والمسلمين، ومن شأن هذا التوجه أن يزيل الستار عن دعوى الصهاينة بأحقيتهم في الأرض المقدسة، فالأرض المقدسة هي للعرب الذين عايشوا السيد المسيح ونشروا رسالته، وللمؤمنين الذين آمنوا بالرسالة المحمدية العالمية التي تحث البشر على التقوى ومكارم الأخلاق، ولأبنائهم وأحفادهم نزولا إلى عرب المشرق اليوم ومن بينهم أهل فلسطين الواقعون تحت الأسر والاحتلال والحصار، وليست بالتأكيد للصهاينة. وتنهي حديثها بالقول أن أمن وسلام العالم من سلام بيت المقدس فليتهم يعلمون. مدريد