القول إننا مجتمع له خصوصيته، أو إننا مجتمع متدين محافظ، وفضائل الدين وقيمه لا يعمل بها في جوانب كثيرة من الحياة، هو قول بعيد عن الواقع، ودعونا نضرب المثل فحقوق المسنين او كبار السن، الذين وهن منهم الجسد، واشتعل الرأس شيبا، واحتاجوا الى العون، خاصة منهم من خدم وطنه في الوظائف العامة او العمل للنهوض به، فإذا احتاجوا الى الخدمات عبر الادارات الحكومية او المؤسسات الأهلية، لم يجدوا سوى العنت والمشقة، فهذا المسن مثلا يتحامل على ضعف بدنه يراجع الاحوال المدنية لتجديد بطاقته او الحصول عليها بعد ان فقدها، فتمتد مراجعته لها شهرين، كلما راجع تلك الادارة وقف في طابور طويل حتى يصل الى شباك يمنحه رقما ليتجه به الى القسم الذي توجد به معاملته، ليخبر ان عليه ان يعود الى المراجعة بعد ايام ودائماً لا تقل عن عشرة، ونسمع عن معاملة خاصة للمتقاعدين وكبار السن فإذا لمسنا الواقع لم نجد لها اثرا، بل لعل الاهمال لهم، وتعمد الاساءة إليهم هو السائد، وسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا)، وفي رواية (ليس منا من لم يعرف شرف كبيرنا)، ومما اخرج الترمذي في سننه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما اكرم شاب شيخا لسنِّه الاّ قيض الله له من يكرمه عند سنه). وحقوق كبار السن كثيرة يجب ان توفر لهم، منها العناية بهم عند بوادر الوهن والعجز، وتوفير العلاج اللازم لهم عند المرض، وتوفير المأوى حين لا تكون لهم اسر تحتضنهم، ومحاسبة الاسر التي تتخلى عنهم، وان يميزوا عند الحصول على الخدمات العامة، ونحن ندعي اننا خير الناس، فنحن من خير امة اخرجت للناس كما نردد دوما، والمبادئ - سادتي- ان لم تنتقل الى فعل ممارس فهي دعاية لا تجدي نفعاً، وما يؤمن السوي من الخلق بمبدأ فاضل نبيل الا ليحوله الى سلوك، يجعل الناس يقتدون به، فخير وسيلة لنشر الفضيلة العمل بها لإحيائها في واقع الناس، فهل ندرك هذا هو ما ارجوه والله ولي التوفيق. ص.ب: 35485 جدة: 21488 فاكس: 6407043