إن القول بأن تحديد سن الزواج نظاماً للفتى والفتاة، أعمالاً لمصالح لاتخفي عن كل ذي بصيرة يدرك واقع الحياة ومقاصد الشرع، يخالف الشريعة جهل بها، فلم يرد نص قطعي ملزم للمسلمين ان يزوجوا بناتهم وهن في سن الطفولة،من رجال بالغين يفوقونهن عمراً، وأن يجبرهن الآباء على هذا، ودون أن يكون لهن اختيارن وهن في هذه السن الصغيرة التي لو فرض أن صدرت عنهن موافقة على اختيار الاب فهو كعدمه، فلسن مؤهلات للاختيار حينئذ، فإذا كانت المصلحة تكمن في الا تزوج الفتاة إلا بالكفؤ الذي ترغب، وأن يكون الزواج بها مؤسساً لحياة زوجية سعيدة، وتكوين أسرة كريمة، فإن تحديد سن الزواج أصبح اليوم ضرورة، خاصة أن الضرر الذي يقع على الصغيرة لم يعد أمرا موهوماً . فالحوادث في حالات هذا الزواج غير المتكافئ تثبت وقوع كثير من الاضرار به على الصغيرات، والتي قد تفضي في بعض الحالات إلى الوفاة، ومع هذا فالرافضون للتحديد يدعون أن فيه مخالفة للشريعة، ويبنون مواقفهم على أنهم انما يدافعون عن الدين، مع أننا إذا سلمنا أن العقد على الصغيرة في أصله مباح، فإن للحاكم أن يقيد هذا المباح بما يحقق للعباد المصالح ، فلا أحد يقول إن تزويج الصغيرة واجب ولا أحد يستطيع أن يثبت أنّ فيه مصلحة لهذه الصغيرة، والغريب أنه في وطننا قليلة الحدوث، ولا يتم إلا في بيئات غير واعية بأخطاره،إلا أن في اليمن له انتشار، والمدافعون عنه كثر، ويتصدى لمنع تحديد السن، بعض المنتسبين للعلم فيه، ممن تخرجوا في جامعاتنا وأخذوا العلم على يد بعض مشايخنا هنا في المملكة، ويرفعون الصوت أن معارضتهم لتحديد سن الزواج ستتخذ ألواناً ، مرة بالمظاهرات وأخرى بحشد الاصوات ضد مصالح هاته الصغيرات، حتى إنه يفخر بقدرته على حشد مليون من الآميين لمنع هذا التحديد. ويؤكد ان التحديد لن يتم، لأن تياره الذي يقوده يملك أنجع الوسائل لمنعه، وكأن هذه القضية هي غايته التي يتفرغ لها، ولكنه لايحدثنا أبداً عن السبب المباشر الذي يجعله يتخذ هذا الموقف المتصلب من هذا التحديد، ولماذا يريد ان يستبقي زواج الصغيرات عادة في مجتمعاتنا المسلمة رغم عظيم اضراره، وكأن فتياتنا المسلمات سلعاً تباع للمستمتعين من الرجال ماداموا يملكون الثمن، ولماذا لاينهى كبار السن الذين يتزوجون بصغيرات السن طلباً للمتعة، وهو يعلم مدى الاضرار الفادحة لمثل هذه الزيجات غير المتكافئة. ولماذا هذا الاصرار على أن تزوج الصغيرات لكبار السن، أهو كما يزعم دفاعاً عن الدين، والدين منه براء، أم لتحقيق رغبات واهنة لهؤلاء ، ومعارضة مثله وان عطلت الفكرة بعض الوقت الا انها لن تعطلها كل الوقت، فتطور الحياة بما يحقق المصالح للعباد آتٍ لا محالة، وسينتصر المنادون بالتحديد قريباً، فهلا أدرك هذا وأمثاله هذه الحقيقة فكفوا عن المعارضة، فهو مانرجو والله ولي التوفيق.. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043