طالعتنا صحيفة عكاظ في يوم الخميس 23 رمضان بخبر بعنوان 68 الف حالة غياب في آخر ايام الدوام. ثم تعمقت الصحيفة في تفاصيل الخبر لتحدثنا عن هيئة الرقابة والتحقيق والجولات التي قامت بها على الجهات الحكومية، ومن خلال تلك الجولة وفي ثلاثة ايام فقط قامت بثلاثة عشر الف وستمائة وثلاثة واربعين جولة على ثمانية وعشرين جهة حكومية لتضبط الهيئة اكثر من ثمانية وستين الفا غير منضبطين بالدوام. هذه الحالة فتحت الباب على مصراعيه على مجموعة كبيرة من الاسئلة حول هذا الامر. هل الهيئة نفسها مشمولة بهذه الحالة من عدم الانضباط ام انهم خارج التقييم؟ لاحظت من خلال خبرتي مجموعة من الممارسات العجيبة مثل التوقيع ثم الاختفاء، او استخدام التوقيع بالبطاقات الممغنطة ثم الخروج مباشرة، او حتى اعطاء البطاقة لزميل يقوم بمهمة التوقيع نيابة عنه ولا يحضر الدوام اصلا. من جهة اخرى نجد ان من يخالف او لا يعمل لا يمكن التعامل معه حتى من اعلى سلطة في تلك الهيئة الا بعد ان يمر بآليات طويلة ومعقدة قبل ان يستطيع ان يتعامل مع الموظف غير المنضبط او المهمل او المتمرد حتى من رئيس تلك الدائرة. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا لدينا ظاهرة اللامسؤولية في هذا السلوك؟ غريب ان اسمع الخبر بأن من يقوم بمراجعة الدوائر المختلفة هي هيئة الرقابة والتحقيق وليست الادارة المسؤولة عن موظفيها. والاغرب من ذلك انه رغم ان قيادة الادارة هي من الوظائف القيادية التي من المفترض ان تكون مسؤولة عن تنفيذ مجموعة من المشاريع والخدمات للجمهور فكيف لا تؤتمن على مراقبة موظفيها؟ ولماذا يحتاج الموظفون الى رقابة انضباط ويظهر مثل هذا الخلل الكبير؟ الا يعطي هذا دليلا واضحا على عملية تسيب كاملة تبدو لدى هذه الادارات؟ أليس غريبا ان يترك لادارة الرقابة والتحقيق مسؤولية المتابعة والمراقبة؟ فأين دور الادارة العليا لتلك الادارة والمسؤولة عن تنفيذ خططها السنوية؟. لابد ان هناك خللا سلوكيا خطيرا في كل هذه الدوائر الحكومية تستوجب بحثا دقيقا عن اسباب هذا السلوك وعلاقته بالادارة العليا بتلك الدوائر ، او علاقته بكادر الخدمة المدنية ، وعلاقته بنظام العمل في الوظائف الحكومية ومواطن القوة فيها ومواطن الضعف. هذا السلوك سواء كان من هيئة الرقابة والتحقيق او من الادارات العليا لتلك الدوائر فإن له دلالة على الاتكالية من تلك الدوائر وعدم القدرة على تحمل المسؤولية في خدمة الوطن والمواطن. لا يمكن ان يتم هذا البحث بلجنة حكومية تقليدية كما هو الحال المتبع في العادة لان ذلك لم يجد نفعا طوال قرون من الزمن ولكن لا بد من الاستعانة بجهات من القطاع الخاص او شركات اختصاصية لتقوم بمسوحات واستقصاءات ميدانية تحدد نقاط الضعف ونقاط القوة فتعمل هذه الجهات والهيئات الحكومية جادة في علاجها وقياسها مرة اخرى والا فإننا سنبقى دائما وابدا نحلم بالتقدم والتطور ولا نطوله لان انتاجنا يستمر متكلا على اسلوب تقليدي ولا ينقل خبرات او يحفز العامل بطريقة ترفع من مستوى الانتاج وجودته. 0505626375 www.asalbatati.net