يستوقف العبد الرباني وقفات تأخذ بخلجاته كثيراً، ومن هذه الوقفات جلسات محاسبة لذاته المقصرة تجاه الهدف المنشود من الخالق جل وعلا، وفي نظري أن من تلكم الوقفات والقضايا المهمة هو المشروع العظيم الذي سيعمل هذا المسلم جهده فيه ويصح أن نطلق عليه مشروع الحياة. إن عظيم الهمة لا يقتنع بالإكثار من الطاعات، وإنما يفكر ألا تموت حسناته بموته، وذلك من خلال الحرص على أن يكون من بينها ما هو مصدر لأعمال صالحة مستمرة بعد موته، وإنها لقضية تستحق الكثير من الاهتمام، لم لا؟ وقد نجد لجل سلفنا الصالح مشاريع حياة استمرت وستستمر تدر عليهم بأحمال حسنات نغبطهم عليها، فهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم صاحب أعظم مشروع لإنقاذ البشرية من الظلمات إلى النور، وهكذا سارت القافلة من بعده؛ فقل لي بربك هل مر يوم ولم يذكر فيه البخاري أو ابن تيمية أو غيرهما من العلماء الربانيين -عليهم وعلى سائر علماء المسلمين رحمة الله ومغفرته- دون ذكرهم أو الدعاء لهم بالرحمة، بل والاستزادة من علمهم؟ الإجابة بالطبع لا .. فالبخاري أخرج مشروعه العظيم في حفظ أحاديث خير المرسلين، وابن تيمية نذر نفسه لرب العالمين فانبرى في خدمة الدين، وغيرهم ممن أورثوا ذكرا عطرا دائما لهم.ونقول أن هذا المشروع خاص بالمسلم؛ لأن غيره قد تفوق عليه في الحضارة-إن صح التعبير-وهو من حطب جهنم.فهذا مخترع المصباح (أديسون) لو كان مسلم محتسب أجر انطوائه على هذا المشروع للصالح العام وخاصة الأمة الإسلامية لكان ممن يحسن الظن به كثيرا دخوله الجنة.فتحديد المشروع على المسلم الرباني أمر مهم، وهذا المشروع قد يختلف من مسلم لآخر ومن جنس لجنس، وهكذا. أمثلة المشاريع كثيرة منها : المؤلفات بأنواعها وما يصدر من بنان المسلم في منفعة للإسلام والمسلمين وكذا إصدار مقروءات من مواقع ومجلات وصحف وقنوات، وأيضا إنشاء جمعيات ولجان وهيئات تقوم على عمل مؤسسي دؤوب، أضف إلى ذلك المشاركة بأوراق العمل والخطط وتيسير تنفيذ البرامج الخيرية، وغير ذلك كثير من هذه المشاريع البناءة.وقد نشير في هذه العجالة إلى ملامح بسيطة حول هذا المشروع.