من الطبيعي أن يذكر الإنسان صفات ومميزات من عرفهم أو صادقهم من ذوي العطاء والنقاء والوفاء في الوسط الثقافي والاجتماعي. وهناك العديد من الاصدقاء الذي أحمل لهم مشاعر الود والتقدير واتعاطف معهم في السراء والضراء، واشعر بالاسى حين فقد أحد منهم. وهكذا كان شعوري بالأسى حين علمت بوفاة الصديق الكاتب الصحفي الاستاذ عبدالله إبراهيم رجب الذي عرفته منذ أكثر من عقدين، وبداية معرفتي له كانت من خلال متابعتي لكتاباته الصحفية وتفاعله مع القضايا الأدبية والاجتماعية. وكانت كتاباته تتسم بالحس الأدبي والشعور الوطني، وتعبر عن نبل القصد وسمو الهدف. وصداقتي له كانت بمبادرة اخوية منه باتصاله بي هاتفياً وغمرني بمشاعره النبيلة واطراءه لجهدي المتواضع في مجال الكتابة في الصحف منذ عهد ما يسمى (صحافة الافراد) الى عهد صحافة المؤسسات، واستمرت الصداقة المبنية على الشعور المتبادل بالود والتقدير وتجانس الاهتمامات الأدبية والفكرية، وكان رحمه الله حريصا على التواصل معي عبر الهاتف حيث أنه يقيم في مكةالمكرمة وأنا أقيم في جدة وكنا نناقش ونتبادل المعلومات في اطار اهتماماتنا الأدبية والثقافية في فترة كانت الساحة خلالها تتفاعل بمناقشات واختلافات حول الاتجاهات الفكرية المختلفة. وكان موقف الصديق عبدالله رجب رحمه الله إلى جانب دعاة الالتزام بقيم الأصالة الفكرية وما تتميز به أساليبها من جماليات وإبداع. ومن ذكرياتي العزيزة اللقاء الشخصي الذي أتيح لي مع الصديق عبدالله رجب رحمه الله حيث أنه في عام 1415ه احتفل الأخوان الأعزاء أبناء الشيخ صالح محمد جمال رحمه الله بمناسبة مرور 50 عاما على تأسيس مكتبة الثقافة بمكةالمكرمة، وقد دعيت لحضور تلك المناسبة واسعدني حضورها حيث أقيم الحفل في مقر النادي الأدبي الثقافي بمكةالمكرمة، ومن محاسن الصدف أنني ألتقيت بالصديق الاستاذ عبدالله رجب ضمن الحضور في ذلك الحفل الثقافي الذي حضره جمع غفير من العلماء والأدباء والمفكرين. وقد لازمني رحمه الله طوال مدة الحفل الخطابي وجلسنا معا على مائدة العشاء في ذلك الحفل البهيج وكان يحتفي به ويغمرني بلطفه كأنني ضيف في داره. لقد كان الفقيد مثقفاً وكاتباً معروفاً، وكان يساهم في كتابة (يوميات الندوة) في عهد الاستاذ حامد مطاوع رحمه الله. وقد أخبرني في إحدى السنوات الماضية أنه جمع ما اختاره وانتقاه من مقالاته في يوميات الندوة، وأنه ينوي طبعها في كتاب اسماه (سنة أولى يوميات) ولكن يبدو أن ظروفه لم تمكنه من ذلك. وفي السنوات الأخيرة قدر الله ما أصابه وجعله ينقطع عن ممارسة نشاطه المعهود في الحياة الأدبية والاجتماعية، وبتاريخ 11 شعبان الحالي 1431ه انتقل الى رحمة الله ورحل، وترك الذكرى الطيبة. فندعو الله له بالرحمة والمغفرة، وخالص العزاء لجميع أفراد أسرته الكرام.