عدنا من القاهرة وافترقنا في المطار أنا وأختي وأمي بمفردها أمام موظف الجوازات وقفت أمي تحت لوحة عودة السعوديين ووقفنا أنا وأختي تحت لوحة عودة المقيمين غصة في حلقي ودمعة أبت إلا الانحدار رغما عني كيف ياوطن تفصل بيني وبين أمي في ثوان مسافة بين بلدين لاذنب لي فيها سألت الموظف : أيسمح لي بالوقوف خلف أمي؟ هذه أمي سعودية وأنا وأختي فلسطينيتان كان لنا يوما وطن وغاب خلف البنادق والرصاص والرماد ومازال الأمل مشتعلا في النصر هذه أمي ووالدي قد غيب الموت وجهه عن هذه الأرض التي عشقها وعشقته وعشقناها أيمكن أن تسمح لي بالمرور في ذات الصف مع أمي أنا فلسطينية الأب سعودية الأم أحمل وثيقة سفر مصرية للاجئين الفلسطينيين أنا جامعة دول عربية في امرأة لم تعد تعرف من تكون سوى كونها عربية تبحث عن هوية وطن لم تعرف سواه (السعودية) لم تردد نشيدا وطنيا في طابور الصباح إلا له لم أشدو في الإذاعة إلا به ولم أهمس إلا باسمه متعبة أنا يا وطنا لم أعرف سواه وطن رضعته مع حليب أمي الوطن أم وأمي من هذا الوطن وطن درسته في أبجديتي الأولى فلم تغربني ياوطن؟ لماذا تمنحني إقامة تنتهي كل عام وتنهيني وتقتلني وتدميني علاقتي بك ياوطن السلام والرسالات ليست مجرد ورقة علاقتي بك وطن هي أمي هي أنا هي أختي هو نقش في دواخلنا أيعقل ياوطن أن تغربني عن جسدك الذي أهيم به وأشتم عبقه وأمتلئ به أعشقك وطناً وتاريخا ًوتراثا ًونقشا ًفي القلب والذاكرة لكنني متعبة جداً , الغد معتم لا أرى بصيصاً للنور (الكفيل) , سيف مسلط فوق عنقي أنا وأختي , إن رحلت أمي هل ستكون نهايتنا أن تلغينا ياوطن من ذاكرتك أن تسقطنا من روزنامة أيامك ونرحل عنك ببساطة؟ خرجت من المطار وأنا أتذكر وجعي السنوي في صف انتظار طويل أجدد إقامة في وطن يسكنني أجدد ل 365 قادمة وأذرف دموعي قهراً تعادل وزن الأرض ملايين المرات. أرجوك يا وطن أحببني كما أحببتك وأعطف علي كما أنا بارة بك بما أننا سنرث بعد عمر طويل أمي فلماذا لا نرث جنسيتها أمنحني هويتك جنسيتك ياوطن حتى لا أضطر في كل مرة إلى أن نفترق أنا وأختي وأمي في المطار ويجمعنا منزل واحد.