بالأمس القريب، نفذ أحد عشر ألف سجين وأسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية إضراباً عن الطعام احتجاجاً على سوء المعاملة. فمنهم من قضى عشرات السنين ومنهم من انتهت محكوميته قبل عدة سنوات ولكن العدو يمعن في اضطهادهم وقهرهم وهم صامدون ثابتون وحين يفقد المرء حريته وحين يكون الوطن وعزته وإباؤه واستقلاله هي الثمن فإن نبل الغاية تستسهل كل الصعاب. وتتحمل كل الآلام فعلى مدى اثنين وستين عاماً لم يستطع العدو الصهيوني أن يمحو من الذاكرة وأن ينتزع من الضمائر اسم فلسطين ولقد كان يراهن على أن النشء العربي مع تقادم السنين سينسى القضية وسوف يتطبع ويتعايش مع الأمر الواقع وهذا ما لم يحدث أبداً لأن معظم السجناء هم من الأطفال والشباب تحت العشرين مما أفقد العدو صوابه فلجأ إلى حيلة العاجز بالاعتقال والتهجير وهدم المنازل على رؤوس أصحابها وجرف المزروعات في محاولة يائسة للتركيع ولكن هيهات فالصمود والثبات على المبدأ وسياسة النفس الطويل هي السلاح الذي يواجه به الشعب الفلسطيني العدو الغاشم. إن من يسعى إلى خراب الأرض وهدم البيوت وتجفيف منابع المياه هو بلا أدنى شك يتصرف وهو يدرك في قرارة نفسه أنه كيان زائل عاجلاً أو آجلاً لأن من يهدم ويدمر ليس كمن يبني ويعمر وسجلات التاريخ تثبت ذلك ولقد دمر التتار بغداد ولم يمكثوا فيها طويلاً واحتل الفرنسيون الجزائر لما يزيد على قرن من الزمان وعاثوا بها فساداً وخراباً ولكنهم خرجوا منها صاغرين منهزمين يجرون أذيال الخيبة والمرارة وها هي الجزائر تعيش في أحضان أمتها العربية كريمةً أبية والشواهد كثيرة وستتبعها دولة فلسطين بإذن الله. إن كل من يسعى للحرية والاستقلال مستعيناً بالله ثم بالتصميم والثبات على المبدأ لابد أن يحقق أهدافه وينال مراده وكما قال الأديب العربي المنفلوطي "الحرية شمس يجب أن تشرق فى كل نفس". وقفة من أدبيات المقاومة فصبرًا يا أسيرُ فأنتَ حرٌّ *** إلى الأخرى بلا قيدٍ تسيرُ فتنسى ليلَ مأساةٍ طويلٍ *** وأناتٍ بكت منها الجسورُ تذكر هذه الدنيا ستمضي *** وإن طالَ الزمانُ بها يسيرُ