ربما لعدم ثقتنا بالجهات الخدمية التي وجدت من أجل المواطن وتسهيل احتياجاته وطريقتها في التعامل مع قضاياه بشكل نمطي فيه الكثير من البرود واللامبالاة، أصبح هذا المغلوب على أمره شخصًا يبحث عن الواسطة قبل التوجه لأي دائرة أو جهة حكومية وقبل حتى معرفة المتطلبات التي عليه انجازها. فالمنطق يقول: عليك الذهاب للجهة المعنية بشأنك ومعرفة المطلوب منك كي تستطيع عمله مقابل الحصول على الخدمة .. هذا المنطق والمفروض!! ولكن الذي يحدث لدينا في مجتمعنا (بتحريك الواسطة) هو الاتصال أولاً بكل من تعرف لعلهم يجدون لك خلاصا من معاناة البيروقراطية والتأجيل الذي قد يجعل منك أحد مرتادي هذه الدائرة الحكومية .. ولا أبالغ لو قلت إنك بعد فترة من الزمن قد تحصل على عضويتهم كأكثر المراجعين حضورا وانصرافا. الواسطة هذا الداء الحقير جعلنا نفقد الثقة في الكثير من الجوانب الحياتية حتى أننا لم نعد نميز بين صاحب الكفاءة والمدعوم بفيتامين الواو الذي غير كل المفاهيم الواقعية لسير الحياة. نريد حلاًّ، نريد عقارا يبدد هذا الداء المؤرق لعل الأمور تعود لطبيعتها ويعود الرضا لنفوس المتشائمين من العلاقة المتذبذبة بين جهاتنا الخدمية والمواطن. ففقدان الثقة بين السائل والمسؤول له عواقب وخيمة قد يوسع الفجوة ويعزز ظهور فئة من المتطفلين الذين يتسلقون على كربات الغير. من المؤسف ألا نشعر بحاجات الناس وبيدنا تذليل عقباتهم في إطار المسموح به دون التعدي على حقوق الآخرين وهدم منظومة النظام الذي وجد ليقضي على الفوضى. ومن المؤسف أيضا أن يصبح هذا النظام سيفا مسلطا على رقاب المنتظرين داخل الطوابير الطويلة أما الذين يحتسون فناجين القهوة في غرف المدراء المكيفة فهذا النظام يتلاشى أمامهم ويصبح مجرد روتين يقبع داخل الأدراج المنسية. وحتى تختفي هذه الظاهرة الأزلية ويتحقق الحلم بمجتمع سليم وصحي دعونا نبحث لنا عن واسطة نستنجد بها عند الحاجة، ولكن ماذا لو طُلب منا بعض التنازلات مقابل القيام بهذه الوساطة المقيتة فهل نقبل؟! لمحة عابرة: بعض نثري قطع جسدي فوق تراب الأرض انثر دمعيبلل يدك الخرساءوارْوِ خنجرك المسنون من قلبياقذف بي في بئر الظلماتوإذا عدت لوجه الأم المكلومةلا تبكِ فوق ثيابيفأنا لستُ بيوسفولكنك أنت الذئب [email protected]