المطلع على الاستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يتملكه السرور نظراً لما تحويه من أهداف ورؤى ومبادئ وآليات مقترحة إذ تنطلق الاستراتيجية من ثلاثة جوانب مهمة وهي التأكيد على الهوية الثقافية وترسيخها بين أبناء دول المجلس ,والتعريف بثقافة دول المجلس خارج حدودها من خلال الحضور الثقافي ,وإشاعة مبدأ الحوار القائم على الاحترام المتبادل والتسامح حيال جميع الثقافات, فضلاً عن جملة الأهداف أبرزها إثراء شخصية المواطن الخليجي بتعزيز وعيه بعقيدته وتراثه وحريته وكرامته وانتمائه, مع التأكيد على اللغة العربية باعتبارها المكون الأساس لشخصية المواطن في دول مجلس التعاون مع الحفاظ على الهوية الحضارية العربية والإسلامية,وترتكز الاستراتيجية على محددات رئيسية هي الدين الإسلامي ، العرaوبة ، الوحدة الجغرافية ، النسيج الاجتماعي والتجربة التاريخية. وبما أن العالم بأسره يمر بتحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتقنية مما دفع بدول الخليج الحضور والمشاركة في خضم السباق الحضاري العالمي مع ضرورة التعريف بثقافتنا والسعي لتوفير بيئة مكانية مناسبة لفعل ثقافي مؤثر. ورغم أن الاستراتيجية تحمل في مضامينها أهمية التعاون والتناغم بين هذه الدول إلا أننا لم نلحظ فعلاً تعاونياً بارزاً سوى بعض اللقاءات الثقافية المحدودة مما يتطلب تكثيف المؤتمرات والندوات الثقافية لطرح ومناقشة القضايا المشتركة خليجياً وكذلك الجوانب ذات العلاقة بالشأن الثقافي العالمي.ولا يمكن إغفال الجهد الذي تم انجازه المتمثل في إعداد دليل الأدباء في مجلس التعاون الصادر عام 2008 ,وقد ضم عدداً من أسماء المبرزين في مجالات الإبداع الأدبي والنقدي والثقافي , إلا أن آلية جمع بيانات الأسماء في النسخة المحدثة والتي تعتزم اللجنة الثقافية العامة لدول المجلس تجميع مادته خلال هذه الأيام تحتاج إلى آلية أكثر شمولية ودقة لتتحقق أهداف الدليل, مع إضافة ملحق يحتوي على عناوين الإصدارات الإبداعية خلال الخمسة الأعوام الماضية ,مع تخصيص أيقونة الكترونية تفاعلية في الموقع الالكتروني لمجلس التعاون وذلك من منطلق إثراء الحوار وتطبيقه عملياً على المستوى الخليجي , ليمتد الحوار مع الثقافات الأخرى تعزيزاً للقيم الإنسانية وإشاعة الاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات. نسق ثقافي متناغم لا أدري لماذا إلى الآن لم يتم دمج الأندية الأدبية مع جمعيات الثقافة والفنون تحت إدارة واحدة وفي نسق ثقافي متناغم .. باعتبار المنظومة الثقافية غير قابلة للتقسيم أو التجزيء .فالكثير من النشاطات الثقافية التي تقوم بها الجمعيات من أمسيات شعرية وقصصية تقوم بها أيضاً الأندية الأدبية في حين إن بعض البرامج كانت إلى وقت قريب حكراً على الجمعيات " كالمسرح مثلاً, حتى جاءت بعض إدارات الأندية النابهة لتكسر هذا الجمود وتدرج المسرح وبأسلوب جديد ضمن برامجها لتزيل بعض الأطر التي كانت عالقة في الأذهان بأن المسرح يخص الجمعيات .إلى جانب إثراء المشهد الثقافي بما هو جديد وجدير ويلامس اهتمامات جميع الأطياف الثقافية. وفي هذه المرحلة التاريخية إذ تشهد بلادنا تنامياً ثقافياً كبيراً ضمن المنظومة الثقافية العالمية بسبب ما تضخه مكنة الإعلام والانترنت من كم معرفي ومعلوماتي هائلين, ينبغي وضع استراتيجية واضحة ودقيقة ومدروسة تخدم الثقافة وطالبيها و تتجاوز فكرة الدمج من اجل الدمج بل من الضرورة بمكان توفير المنشأة المعمارية المناسبة والقادرة على استيعاب جميع النشاطات الثقافية وتلبية جميع الاحتياجات من قاعات وصالات عرض ومكتبات ورقية والكترونية وتصبح أيضا معالم حضارية تقتبس الملامح المعمارية لكل بيئة وتتسم بروح العصرية.