عقد أصحاب المعالي الوزراء المسؤولون عن الثقافة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعهم الرابع عشر في العاصمة القطرية الدوحة صباح أمس الاربعاء. ويرأس وفد المملكة للاجتماع معالي وزير الثقافة والاعلام الاستاذ إياد بن أمين مدني. وفي بدء الاجتماع القى معالي وزير الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري رئيس الاجتماع كلمة أشار فيها الى أن الثقافة العربية الاسلامية ببعدها الخليجي هي الوطن الذي ينتمي اليه الجميع أيا كانت الجغرافيا التي نلتقي في رحابها. وقال "إن ما جمعنا من قبل ويجمعنا اليوم هي خصوصيتنا الثقافية التي تضاهي في أهميتها أية مشتركات أخرى.. دون أن تنفصل عن هويتنا الثقافية العربية الاسلامية. فالهوية الثقافية هي قدرنا ومستقبلنا وفضاء القيم التي تجعل مصيرنا واحدا في مواجهة التحديات". وأضاف أن حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا أكثر أهمية استراتيجية من أية مسؤولية أخرى. وأنتم العارفون أن التنمية مهما كان حجمها لا يمكن أن تثمر تطورا متوازنا في غياب التنمية الثقافية التي ينبغي أن يتوازى الاهتمام بها مع ما تحظى به القطاعات الاخرى. ورأى الدكتور الكواري أن اللغة هي العنصر الاكثر أهمية بين عناصر الهوية بصفتها جوهرا للثقافة العربية الامر الذي يملي وضع الاليات الكفيلة بالحفاظ على اللغة العربية التي تواجه حاليا خصوصا في دول مجلس التعاون تحديات كبيرة ومتنوعة في عالم مفتوح تهيمن عليه ثقافات أخرى فضلا عن الاشكاليات المحلية الناجمة عن سياسات التعليم باللغة الانجليزية واستقدام العمالة الاجنبية واستعمال اللغة الانجليزية للتعامل الروتيني في بعض المؤسسات. وبين أن جدول أعمال المؤتمر ينم عن وعي للهموم المشتركة وفي مقدمة ذلك مشروع الاستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون وقال انه مشروع ذو أهمية فائقة يمكننا من العمل المشترك والمتناغم والمتكامل. وفي السياق ذاته تأتي أهمية فقرتين أخريين من جدول الاعمال هما تسريع الاداء وازالة العقبات التي تعترض العمل المشترك وتقويم مسيرة العمل المشترك في المجال الثقافي معربا عن الامل في تكثيف مثل هذه الجهود وتفعيل الياتها بما ينعكس في الخطط الثقافية وعلى أرض الواقع. وقال الدكتور الكواري "اذا ما أردنا للعلاقة بين دول مجلس التعاون أن ترتقي الى المصاف الذي ينسجم مع حقيقة وحدة الهوية والمصير المشترك التي تجمع شعوبها يتعين علينا أن نبدأ من العمق الثقافي لان التفاعلات الثقافية الجادة هي التي تعزز بشكل طبيعي تقدما مأمولا في مستوى العلاقات على المستويات الاخرى". وأشار الى ما يوليه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون من اهتمام بالغ بضرورة تعميق العلاقات الثقافية بين أبناء المنطقة. بعد ذلك القى معالي الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الاستاذ عبدالرحمن بن حمد العطية كلمة أعرب فيها عن شكره وتقديره لدولة قطر على ما تقدمه من دعم ومساندة لمسيرة العمل الخليجي المشترك خاصة في المجال الثقافي وعلى الاستضافة الكريمة للاجتماع الرابع عشر. وأكد الاهمية التي توليها دول المجلس والامانة العامة تجاه مشروع الاستراتيجية الثقافية التي تم صياغتها من حيث الرؤية على محددات رئيسية هي الدين الاسلامي والعروبة والوحدة الجغرافية. وقال "إن هذه الاستراتيجية قد حددت العمل الثقافي لدول المجلس من منطلقات الهوية الثقافية وعلى ضرورة ترسيخها والمحافظة على كينونتها والتعريف بثقافة دول المجلس خارج حدودها الى جانب اشاعة مبدأ الحوار القائم على التسامح حيال جميع الثقافات واستيعاب روح العصر من خلال العلوم والتقنية وكذلك اثراء شخصية المواطن في دول مجلس التعاون عبر تعزيز وعيه بعقيدته وتراثه وانتمائه". ورأى أن الاليات التي تضمنها مشروع الاستراتيجية أخذت بعين الاعتبار ما يمكن تنفيذه في ضوء السقف الزمني المقترح لتنفيذ مضامين الاستراتيجية الذي تم تحديده بعشر سنوات وبحيث تراجع كل ثلاث سنوات وفق الية محددة من بينها قيام الدول الاعضاء بتقديم الدراسات الخاصة بالعمل الخليجي المشترك. وقال "إن دول المجلس قد أصبحت منطقة اشعاع ثقافي وقد تجلى ذلك من خلال المهرجانات الثقافية والندوات والمؤتمرات انطلاقا من الرؤى والأفكار والشفافية التامة". وشدد على أن هذا المناخ يعكس اهتماما بالفكر والثقافة خاصة أن دول المجلس تولي اهتماما كبيرا بدور الثقافة في تنمية المجتمعات وبناء جيل قادر على مواصلة مسيرة الحداثة والتطور استنادا على قاعدة راسخة من الثوابت والموروث الحضاري والانساني. وأوضح أن التطورات الثقافية في دول المجلس التي تأتي مواكبة للتطورات السياسية والاقتصادية وغيرها تؤكد سلامة النهج وتكامله ورؤى القادة حفظهم الله بشأن التنمية الشاملة التي لا تستثني ميدانا من ميادين التنمية بما في ذلك الجانب الثقافي وخاصة تلك التي تعنى بالانسان باعتباره هدف التنمية وغايتها.