عندما خلق الله العقل البشري جعله عضوًا قادرًا على فك القيود والحواجز التي تصادف الإنسان وتعيق تحركاته الإيجابية وتحول حياته إلى روتين ممل لا نفع منه. فالعقل بطبيعته لا يهوى الرتابة فتجده يفكر، ويبتكر، وينتج، وكل ما هو حولنا دليل ملموس على واقع العقل البشري الذي لم تكبله آفة الجمود التي بدأت تتسلل لعقول الأجيال الناشئة إلا من رحم الله. فكم هو محزن ومخزٍ ذلك المنظر الذي بات مألوفاً لدينا لشباب في زهرة العمر رموا بأنفسهم في حضن الوهم البائس، والملهيات التي أصبحت لهم الملاذ الكاذب من عجز سكن أرواحهم، وهزم معنوياتهم، وغيب عقولهم التي تصارع من أجل كسر قيود لم تخلق لها. الجمود الذي هيمن على كل حياتنا وجعلنا مجرد آلات تحركها موجات باهتة بدا يسيطر على أثمن ما وهبه الله لنا كي نستطيع العيش والتعايش في هذا الكون المليء بالتغيرات وربما النكبات .. أخشى ما أخشى أن يحتل الجمود ساحة العقل، ويعتلي قممه، لنصبح مجرد حمل ثقيل ينهك كاهل المجتمع، وفئة لا تعرف للإبداع طريقًا همها الوحيد كيف تطوي الوقت بلحظات هلامية يخنقها الزيف، وعندما نستيقظ من جمودنا ونخرج من غفلتنا العقلية نجد أن شمعة الحياة قد انطفأت ولم يعد يسكننا سوى الظلام والجهل. الإبداع والهمم الخلاقة هي ما تحتاجه الأوطان كي تنهض وتقف على قدميها شامخة، تباهي بشباب هم – في حقيقة الأمر – الطاقة التي لن تنضب أبدا، بشرط أن تجد هذه الطاقات المرشد والموجه الصادق الذي يضعها على أول الطريق بدون أي عراقيل قد تهوي بها إلى نهاية نأسف عليها جميعاً . لنكسر النمطية التي تطوقنا ونعانق الإبداع، لنفكر ونتأمل ونطلق العنان لعقولنا .. فبالله عليكم يكفي ما نحن فيه من جموووود. لمحة عابرة: يقول الأستاذ أحمد الربعي يرحمه الله: الحياة صراع لا ينتهي بين واقع صعب وطموح بلا حدود، كل هذا يقع بين الشهقة الأولى للحظة الولادة والحشرجة الأخيرة للموت. [email protected]