بأبي أنت وأمي سيدي يارسول الله في ذكرى هجرتك المباركة من أحب البقاع إليك مكةالمكرمة إلى أحب البقاع إلى الله يثرب أنت وصاحبك الصديق تركت مكة مكرها بعد أن اشتد عليك أذى قومك ووقفت تنظر إليها مودعاً وتقول (والله لولا أن أهلك أخرجوني منك لما خرجت ) ضاربا أروع المثل في حب الأوطان وفي رحلتك الميمونة تجلت معجزات الدين الذي جئت به وتوالت كرامات هجرتك العظيمة هذه المعجزات والكرامات التي يقف أمامها العقل البشري عاجزاً عن تفسير ذلك فكنت القدوة في الصبر على الأذى والثبات على المبدأ والوقوف في وجه كل المصاعب من أجل تبليغ دعوتك السماوية ونشر الدين القويم وضرب صاحبك أبو بكر أروع المثل في معنى الصحبة والمرافقة والصدق في معنى الأخوة في الله ومن معجزات هجرتك سيدي يارسول الله وتخفيك في غار ثور أنت وصاحبك ألهم الله الحمامة بأن تضع بيضها على مدخل الغار وألهم العنكبوت بأن تنسج خيوها للتمويه على الأعداء حتى قال صاحبك أبوبكر والله لونظر أحدهم إلى الأسفل لرأنا وقولك لأبي بكر وأنت تهدئ من روعه : (مابالك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما لاتحزن يا أبا بكر إن الله معنا) كانت أسماء بنت الصديق تمثل وزارة تموين بأكملها تمدكما بالماء والغذاء وتخبئه في شق من نطاقها حتى سميت بذات النطاقين ومضيت في طريق هجرتك على بركة الله تحرسك العناية الإلهية وفي كل خطوة تتوالى معجزات هجرتك حتى وصلت إلى خيمة أم معبد فطلبت طعاما فقالت لا أملك إلا هذه الشات الهزيلة الجدباء فأمرت بإحضارها فمسحت بيديك الكريمتين على ظهرها فإذا باللبن ينهال مدراراً سائغا للشاربين وسط ذهول هذه الاعرابية التي أدركت بفطرتها بأنك النبي المنتظر فدعوت لها ومضيت في طريقك أنت وصاحبك في رعاية الله وفي وسط الطريق تعرض لك ذلك الأعرابي القرشي سراقة ابن مالك الذي أراد أن يقتادك إلى كفار قريش تحت إغراء المائة ناقة التي وعدت بها قريش لمن يأتي بمحمد حيا أو ميتا فقلت له إذا وعدتك قريش بمائة ناقة فأتركني وأنا أعدك بكنوز كسرى وقيصر بين يديك فلم يصدق سراقة وظن أنك تهذي من عناء السفر ومشاق الطريق ولما أبى رفعت يدك إلى السماء داعيا (اللهم أكفناه بما شئت ) فإذا بسراقة يسيخ ويغوص في رمال الصحراء حتى لم تبق إلا رأسه ورأس فرسه ثم مضيت في طريقك وإذا بسراقة يصرخ ادع لي ربك أن ينجيني مما أنا فيه وأنا أتركك في حال سبيلك أنت وصاحبك فدعا له صلى الله عليه وسلم فنجاه الله من هذه المهلكة ووصل نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام إلى المدينة وأسس مسجد قباء واستقبلته جموع الأنصار بالتهليل والتكبير ثم بنى عليه أفضل الصلاة والسلام مسجده في المكان الذي بركت فيه ناقته القصواء والتي قال عنها دعوها فإنها مأمورة وتأسست الدولة الإسلامية دولة ناهضة بارك الله قيامها وتوسعت الدولة ورزقها الله من الثمرات ببركة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي دعا لها قائلا: (اللهم آت المدينة مثلي مال مكة من البركة ) وأشرقت نور الإسلام في المدينة حتى أصبحت ملاذا لكل خائف ونصرة لكل من يدخل في دين الله وأكتملت خلال حياته صلى الله عليه وسلم كل المبادئ الإسلامية ونزول الوحي قرآنا يتلى وبعد أن انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى تولى الصديق أبو بكر الخلافة وسار على النهج ولما انتقل إلى جوار ربه تولى عمر الفاروق الخلافة من بعده وتوالت الفتوحات الإسلامية شرقا وغربا ودانت له إمبراطوريتا الروم والفرس فأذل الله كسرى وقيصر وأذهب ملكهما وأحضر الفاتحون كنوز كسرى. نسأل الله العلي القدير أن يعز دينه ويعلي كلمته وأن يجعلنا أشد تمسكا بسنة المصطفى ويكرمنا بشفاعته وأن يجعلنا من رواد حوضه في الجنة إنه سميع مجيب