لن أمل من الكتابة عن "أطفال الشوارع" وهم العاملون ما بين الخامسة والخامسة عشرة إذ أنهم يزيدون عن 150 مليون طفل على مستوى العالم وتعتبر الهند أكبر دول العالم في نسبة اطفال الشوارع العاملين ونسبة كبيرة منهم تعمل في قطاع الخدمات غير الرسمية ويتم استغلال نسبة كبيرة منهم في أعمال الدعارة والعصابات الإجرامية ويفضل أصحاب العمل تشغيل هؤلاء الاطفال لانخفاض اجورهم. وتعاني هذه الفئة من اسوأ اشكال وانواع الحرمان والاحتياجات الضرورية للحياة مثل التعليم والصحة والغذاء والمأوى الآمن والحماية المعنوية والجسدية.. ومن الريف ما هو اسوأ وأسوأ فالطفلة الصغيرة مسؤولة عن رعاية اشقائها الرضع والقيام بالاعمال المنزلية وبالتالي لا تذهب الى المدرسة مما يزيد من نسبة الجهل والأمية. هذه القصة طبعا لتقديرات واحصائيات منظمة العمل الدولية ولكن انتشار ظاهرة ارتفاع معدلات البطالة وزيادة معدلات النمو السكاني وارتفاع معدلات سوء معاملة الاطفال من قبل الاباء والمجتمع وزيادة التفكك الاسري ساهمت بشكل فاعل في انتشار ظاهرة اطفال الشوارع وعمالة الاطفال. واذا كنت اتحدث عن الهند كنموذج لهذه الظاهرة فإنه للأسف الشديد كنت في زيارة لاحدى الدول العربية العزيزة على قلوبنا ووجدت فيها زيادة هذه الظاهرة بشكل ملفت مع قسوة الحياة الاقتصادية والمعيشية في هذا البلد العربي الشقيق.. ولن اكون مبالغة اذا قلت انني رأيت طفلا دون الرابعة يقف في "ذل" يكيل له صاحب الورشة الشتائم والإهانات لأنه تأخر عن العمل اكثر من ساعة وفرت الدمعة من عيني وأنا أشاهد دموع الطفل تتساقط وهو يسمع اقذع الالفاظ والشتائم "بأمه وأبيه" وفي النهاية تلقى وجهه الصغير صفعة مدوية ادخلتني في جدل مع صاحب الورشة التي كنت اعبر امامها بالمصادفة.. واستكملت يومي وأنا لا استطيع أن ألاحق دموعي بعد أن عرفت ان هذا الطفل يعيش حياة اسرية مفككة بلا اب وأم مريضة وتعمل في المنازل وطفلين الكبير عمره سبع سنوات والصغير اربع سنوات يعملان في هذه الورشة.. رغم انها في حي راق.. وحمدت الله ان هذه الصورة بعيدة عن بلادي وارض وطني.. ولكني اناشد المجلس العربي للطفولة والتنمية الذي يرأس مجلس ادارته صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز أن يضع الضوابط والحلول والدراسات والأوضاع التعليمية لهؤلاء الاطفال في البلاد العربية دون الانتظار لتأتي الحلول من اليونسكو التي تهتم بالظاهر فقط. Email: [email protected]