لم أصدق نفسي عندما رأيته بلبسه المعتاد الذي تعودت ان اشاهده فيه قبل ربع قرن ويزيد في الحفلات والمؤتمرات الصحفية.. نفس الهيئة وان تغير الشكل بعد ان غزا الشيب رأسه وصدره المفتوح.. وكعادته كان يوزع التحايا والابتسامات المصطنعة ويتجول بين رجال الاعمال والوجهاء في المناسبة الرمضانية في جدة. وسألته بعد القبلات العربية.. عن غيابه وظهوره في المواسم والاعياد.. فقد اعتقدت انه انتقل الى الرفيق الاعلى.. وبضحكة صفراء مفضوحة اجاب وكأنه تعود السؤال بجوابه الجاهز (مسُوجر) أهو عايش زي ما أنت شايف.. وعندي اكثر من عربية وشقة ملاكي وزوجت البنت على وكيل نيابة والواد في منصب رفيع والاشياء معدن. قلت وانا ارتشف قدح القهوة بالهيل مع رطب مديني بارد.. ولكنك لم تقطع عاداتك وبعد الخروج النهائي غير مأسوف عليك بعد ان فاحت روائح حضورك الاشعبي في كل مائدة ومناسبة دعيت لها او العكس.. وهاأنت تأتينا في كل رمضان للتموين والسلام ولقاء صفوة القوم والغريب انك تعرف مواعيد المناسبات التجارية والصناعية والاحتفالات العامة.. وتكون متواجدا ومركب رادار يلتقط خصيصا هذه الاخبار. أطلق ضحكته المعتادة ولم يزعجه تعليقي.. بل شعرت بأنه يعتبر ذلك نصرا واعترافا بقدراته وبأسلوبه الذي لا يستطيع أن يجاريه فيه احد رغم الغياب الطويل عن الساحة.. فلازال يذكره الناس والمجتمع الاعلامي بالذات بهذه الصفة. وتركته بعد ان لمح رجل اعمال يعمل في العطور وصناعتها من الذين تعودوا ان لا يبخلوا عليه في المواسم وشذا هداياه لازالت في انفاسه. وجاء التعليق هذه المرة من زميل في المتاعب من نفس (الديرة) قائلا: لا تستغرب ما تسمع وترى.. وتصرفات بعض الصحفيين الذين لا يحترمون المهنة وشرفها ويستغلونها لاغراض دنيوية زائلة.. انهم قلة ولا يمثلون أهل المهنة في رأيي. واستمر يتلو الكلام: وهذا الذي قابلته ويعتقد بأنه يضيء بما يكتب من كلام لا يود ولا يجيب قناديل الفرح والشهرة لرجال الاعمال ويساهم في رواج تجارتهم.. وأهم ولا يمثل سوى نفسه.. وأعماله لا نوافق عليها ونقرها وكنا اكثر فرحا منكم عندما تم ترحيله بعد ان كتب عن تصرفاته زملاء الحرف الغيورين في الصحافة الاقتصادية.. وكما ترى لم يوقفه القرار ويعود في كل رمضان والاعياد.. وبدلا من الجولة اليومية جعلها عادة سنوية.. وان قل الحصاد بعد ان كبر الصغار وتغير الحال ونظرة رجال الاعمال الى اصحاب مثل هذه الاساليب والتصرفات. واضاف الزميل وقد بدأ التأثر على وجهه وعينيه تتابع تحركات المتسول باسم الصحافة كما يحلو له ان يسميه.. وانتقاله من ضيف الى آخر. الا تعرف بأن الشحات أو الطرار كما يسميه اخواننا في الخليج عندما يمد يده متسولا من المارين لأول مرة ينتابه نوع من الخجل والحياء.. ولكنه مع الاستمرار في نفس الطريق المظلم على مدار الايام والسنين.. يصبح التسول عنده عادة سهلة.. وهذا ما أصبح عليه من تراه الليلة.. ولم يعد يهتم بماء الوجه بعد ان رفع برقع الحياء.. واصبح الاستجداء بالنسبة له عادة ومرضا بعد ان تسلل الى عظام جسمه ونفسه(؟!). والسؤال الذي طرأ على بالي في تلك اللحظة أرفعه الى اعلامنا القدوة وزملاء الصحافة ورجال الاعمال السعوديين الذين يساعدونه للاستمرار بهذا النهج والاسلوب.. واعطائه ما يطلب وبسخاء كرما أو احراجا. وللمسؤولين عنه في صحيفته الاقتصادية في ام الدنيا.. لماذا لا يتم منعه من الحضور وادراج اسمه بالقائمة السوداء كما نفعل مع المتسولين في المواسم ويشطب اسمه من العمل في المجال الاعلامي والانتساب اليه.. ومقاطعة كل الزملاء له وعدم الاهتمام والترحيب به.. وكل من يحدو حدوه. وان يتق الله في الشهر الفضيل.. ويذكر ما شاهده رسولنا الهادي الأمين في الاسراء والمعراج من أهوال يلقاها كل من يريق ماء وجهه ويتسول دون حياء ويتعالج من هذا الداء ويرجع الى الله.. ويغير الصورة القاتمة عنه واعماله عسى ان يغفر له الله في سنوات عمره الباقية ولا يورث اسرته العيب والعار. الله هل بلغت اللهم فأشهد. ناشر ورئيس تحرير مجلة العقارية عضو هيئة الصحفيين السعوديين