** أذكر قبل ثلاثين عاماً أن التقيت به لأول مرة في مكتب صديقيه العزيزين السيدين علي وعثمان حافظ رحمهما الله ،وكنت لتوي قادماً من المدينةالمنورة فقال له السيد علي: هذا ابننا "فلان" قادم لتوه من المدينةالمنورة ،وقف بقامته الشامخة ماداً أو فاتحاً ذراعيه وهو يقول في سماحة ظاهرة "أهلا" برائحة الحبايب" ..بعد ذلك تكررت لقاءاتي به في مكتب الأستاذ أحمد محمود رئيس تحرير جريدة المدينة وكان يومها يأتي الى "جريدة المدينة" ليتابع تصحيح بروفات مواد مجلته التي كانت تطبع في دار العلم .كان حريصاً على سلامة "المادة" المنشورة فلا يطمئن الا بتصحيحه هو وليس غيره. كان أستاذنا الكبير عبدالقدوس الأنصاري من الحريصين والمدققين في تقديم مادة مقروءة نظيفة من أي تصحيف، ذات مرة لاحظت عليه كثرة ما يأخذه من "إغفاءات" وقد لاحظت ذلك لا يكون الا عندما يرى انحرافاً في الحديث المطروح من قبل "المشاركين" في المكان "فيتغافى" كأن "النعاس" قد غلب عليه لكي لا يشارك في الحوار أو النقاش المطروح. عافاً بنفسه عن "اللغط". كان رحمه الله حاملاً "للمنهل" في قلبه قبل أن يكون حاملاً لها على يديه، كان يرعاها رعاية فائقة يعطيها من عصبه ومن راحته حتى وهو في آخر أيام حياته. رحمه الله رحمة واسعة .. وأدام "المنهل" منهلاً للعلم.