كتب لي صديقي "الذي افتقده دوما رحمة الله عليه الأستاذ نور محمد النور طه " ذات يوم في رسالة ، عبارة ظللت وسأظل أذكرها رداً على سؤال " غني بحكم العادة ، فقير بحكم المألوف " وشغلتني وانا ازور معرض الناشر السعودي في مركز معارض جدة ، المدينة التي نفتقدها يوما بعد آخر ، ونفتش عنها في زوايا الوقت ، وتعيش هي حال اغتراب قسري ، كتب واي كتب ! هنا وهناك ، كتب تملاء المساحات الشاغرة ، والزوايا التي تستجدي الوقوف ، ولا تجد قبول الرواد على ندرتهم ، هل هو التوقيت ؟ هل هي العناوين ؟ ونوعية الزوار، والمستهدفين بوجوده ؟ ام هي الحقيقة ؟ معرض ليس له من اسمه الا بعض الوقع في النفوس ، وكثير من الالم ، ولولا وجود بعض المثقفين لخلت اننا حضور لتأبين ثقافة معارض الكتاب ؟ ويبقى الامل عنواننا للمستقبل . كتب الطبخ ، الموسوعات الدينية ، السير الذاتية ، ومختصر تفسير .... ، وبعض قصص الاطفال القديمة ، وكثير من التراجم للكتب المصنوعة بعلم كتابها لمجتمعاتهم قبل الاخرين ، وحتى الجامعات المشاركة كتبها ودراساتها ليست للبيع ، للعرض فقط ، واحلام متعثرة ، ونظرات متناثرة ، وأفق بعيد لليل ينتظر الفجر بصمت ، كتبت يوما " مدن تشتكي فرط توهجها ، ومدن تشتكي فرط تجاهلها ، ومدن بينهما حالها لا يخفى على احد ، ربما نحن في مدن يستفزها الضوء ، ولكن اي ضوء ذاك الذي ساقنا الى مركزية وبيروقراطية قرار يلزم بعدم التوهج ومحاكاة المستقبل بادواته ؟ " وساظل ارقب الوقت ان بقي في العمر بقية . بحثت عن كتاب " إصلاح التعليم - للدكتور أحمد العيسى بناء على روية معالي الدكتور غازي القصيبي ولكن لم أجده ؟ لسنتين متتاليتين غاب معرض الكتاب عن جدة ، وربما لن يظهر قريبا ، فقط لأن النادي الادبي شرع في تنظيم فعالياته ، وتلك رؤية وعي متقد ، لتعزيز عمل وطموح مؤسسات المجتمع المدني ، ولكن بعضهم يعز عليه ان نمضي في ركاب المستقبل ، برغم ان معرض الكتاب في اي مدينة واجهة حضارية ، واستشراف لغد يجمعنا على انجاز ، الا اننا حرمنا منه ، بعدما سجل في الدورتين الاخيرتين مكاسب حضارية تحسب للمدينة والقائمين عليها وعلى فعالياتها المختلفة. واليوم نحن في حضرة الناشر السعودي بثقافة الممكن فقط ، ولسنا في معرض للكتاب وان اختلف معي البعض ، سأحترم مااستطعت وجهات النظر الاخرى ، وسأبقي على وجهة نظري لعل الغد القريب يحقق بعض أحلامنا في معرض كتاب ، بعيداً عن أمآسي عروض الكتب التقليدية والموجودة في أرفف دور النشر المحلية