** لا حديث يدور في الأوساط الاجتماعية في جدة خلال الأسبوعين الماضيين، إلا ويعرِّج على موضوع (غريقة بحر جدة) أو (غريقة النورس) نسبة من جدة، عندما ابتلعت المياه هناك الشابة (فاطمة الصعب) ذات ال (17) ربيعاً، عندما كانت صباح الخميس 16 رجب 1430ه في نزهة بحرية على ضفاف الشاطيء مع أسرتها، لتكون الظهيرة الأخيرة ل (فاطمة) التي رحلت عندها إلى مثواها الحميد، في رحلة دراماتيكية مع الموت، ومصارعة الأمواج العابقة بمياه الصرف الصحي، وكأن لعنة هذا الصرف الصحي على جدة ، أبت إلا أن تمنحنا مثل هذه المأساة التي بكت لها القلوب قبل الأعين. ** نعم نحن نؤمن بالقضاء والقدر، ولكننا كذلك نؤمن بأن الإهمال عندما يحضر فإنه يكون داعياً إلى إشكاليات كثيرة وإذا كان القدر الإلهي قد كتب نهاية (فاطمة) غرقاً في البحر، فنحن نؤمن بذلك. لكن الذي يجعلنا نضج باستفهامات كثيرة، هو وجود مصبات للصرف الصحي بكل ما يحمله من خطر بيئي، وقذارة ، وتشويه للوجه البحري لأهم منطقة في بحر جدة ، ولقد أدت شدة اندفاع مياه الصرف الصحي من الأنبوبين اللذين يفرغان المجاري في المنطقة التي سقطت فيها (فاطمة) إلى صور مروعة نرجو ألاَّ تمر مرور الكرام هذه المرة ، خصوصاً ونحن نتغنَّى هذه الأيام بالشفافية. ** فقد أدت شدة مياه الأنبوبين إلى إبعاد الغريقة فاطمة عن مكان سقوطها لأول مرة داخل البحر، وهذا أول وأهم نكبة من نكبات فكرة دفع المجاري إلى البحر في ذلك المكان الحيوي والمهم للمتنزهين، والذين فوجئوا كما فوجيء سكان جدة وزوارها بعد الحادث ، بأن الذي أمامهم ليس بحراً صافياً ذا مياه رقراقة زرقاء ممتعة ، ولكنه بحر مخلوط بالمجاري، حتى ولو كتبت بجانبه عبارات تحذيرية ، فقد كان الأولى طبقاً لبديهيات رجل الشارع العادي، فضلاً عن المهندسين والمختصين والقيادات في أمانة جدة والمسؤولين عن الصرف الصحي بجدة ، نقول كان البدهي إن كان ولابد أن ترمى مياه المجاري في منطقة نائية من البحر، لا يرتادها المنتزهون، أما قذفها وسط أكبر كتلة من المتنزهين، وفي منطقة حيوية فإن هذا مما يثير الأسئلة الكثيرة. ** أما ثاني النكبات فهي تلك التي صادفت الغواصين الذين كانوا يبحثون عن (غريقة النورس) وسط مياه ملوثة حتى أن أنابيب الصرف طبقاً لعدد من الشهود وبعض الصحف لم يتم إيقافها فوراً، وهذا مما دفع البعض إلى طرح فرضية الاستهتار من قِبَل الأجهزة الرسمية المسؤولة عن مياه الصرف تلك، وكانت بالفعل معركة صعبة أمام غواصين حتى ولو كانوا في أقصى درجات المهارة ، وسط مياه ملوثة بالمجاري ، وانابيب مازالت تدفع المجاري، دون أن تتوقف إلا بعد أيام ، وظلَّت (فاطمة) تائهة تحت البحر وسط هذه الظروف التراجيدية ، إلى أن أعادها البحر بعد (12) يوماً من التغييب المحزن ، الذي تفطَّرت له القلوب. ** الرأي العام الآن يُراقب مشهد النهاية العجيبة ل (فاطمة الصعب) في بحر جدة فإما أن يُغلق ملفها ، وتحتسبها أسرتها عند ربها ، وتنتهي القصة ، وإما أن يتم عمل تحقيق في القضية ، لمعرفة كم هي نسبة خطأ المرحومة وأسرتها باقترابهم من منطقة محظور فيها النزهة والسباحة ، وما إذا كان ثمة نسبة خطأ معينة على الجهات الرسمية المسؤولة عن أنابيب الصرف الصحي ، وبالتالي إيقاع العقوبة على من تثبت إدانته مهما كان ، أو تتم تبرئة الجهة الرسمية بنسبة 100%.. دعونا ننتظر ونرى ما يحدث؟!!.. رحم الله الشابة (فاطة الصعب) وعوَّضها عن شبابها بجنة الفردوس.