تقول رشا أن والديها هذه الأيام يقرءان في كتب التراث التي تتحدث عن أفول شمس الإسلام عن الأندلس بسقوط غرناطة، ورحيل ملكها أبو عبد الله الصغير عنها مهيض الجناح وفي داخله الكثير من القهر والألم، ويقارنا بين تلك الأيام السوداء التي بدأت مع تسلم ملكان كاثوليكيان حكم البلاد والتحكم بالعباد بروح الحقد والتعصب الديني الأعمى فأنهيا مجد الأندلس، وبين الأيام الأكثر سوادا التي يعيشها كثير من العرب والمسلمين وخاصة أهل فلسطين الذين يتعرضون لتصفية عرقية ودينية لا مبرر لها إلا التعصب البغيض والرغبة في السيطرة على مصادر الطاقة وعقدة التجارة العالمية عند البعض من تجار الدم والحرب والدمار. تقول والدة رشا أن جيناتنا الوراثية تختلف عن جيناتهم، وأن في القرآن الكريم ما يشير إلى ذلك بشكل غير مباشر عندما جاء فيه وصف نبي الله إسماعيل بالحليم (سورة الصافات)، ووصف نبي الله اسحق بالعليم (سورة الحجر)، والعرب من سلالة نبي الله إسماعيل الحليم، ومعروف أن أهل الحلم هم أهل التسامح والعفو عند المقدرة، واليهود هم من سلالة نبي الله اسحق العليم، وأهل العلم من اليهود يتعاملون بالأرقام والأصفر الرنان فيقصرون همهم في الدنيا على جمع المال والسيطرة على مصادره، ومن هم على هذه الشاكلة لا يكون في قلبهم إلا الحقد والأنانية وحب الذات. ويقاطعها والد رشا بقوله أن بين يديه قصيدة من نظم عاشق الأندلس الأديب والروائي أنطونيو غالا على لسان آخر ملوك غرناطة وعنوانها : انتحاب أبي عبد الله الصغير على ضياع غرناطة ومما يقوله فيها: أناشيدُ النصارى تُسمَع في الحمراء. صهيل خيولٍ يؤرٌق السلطانات. يقتربونّ، إنٌهم يقتربونْ... ما الذي فعلناه؟ لا غالبّ إلاٌ الله! هل ما قالوه لنا كذب؟ نحن أيضا كنٌا نحلم: أسبانيا وعلي امتداد ثمانيةِ قرونٍ بقينا نُردٌدُ هذا الاسمَ: أسبانيا بصوتٍ كان في كلٌ مرٌة أخفض... سوف تخفي نجمةُ الزخارفِ النصرية عنّا وجهَها، وستمحوكِ شمسٌ، أيٌتها النجوم الكسولة، التي تكتبين قدَرَ الخاسِر. يقتربونّ، إنٌهم يقتربونْ... حوافِرُ خيولهم ستدوس البنفسجَ دون أن تنظر إليه؟ في برج أبي الحجَّاج سيضعون مِمْشَطاً لملكةٍ صعبةِ الاسمِ، ولن يكونَ اسمُها عائشة، أي المحْتَشِمة، ولا ثُريّا، أي نجمة الصبحِ. فوق شعارِ بني الأحمر الوحيد: لا غالِبّ إلاٌ الله، سيكتبون شعارَهم، سيكتبون الفاءَ من فِرناندو والياءّ من يسابِل. وعلى لونِ زُلَيْجِنا سيرسمونَ نيرّهم وحزمةّ سهامِهم. سيُقيمونّ هم مخازنَ بارودِهم أو قمحِهم. حيث كنٌا سعداءّ ونُغَنّي، لن يكونوا هُم إلاّ أقوياء. وحيث كنّا أقوياءَ وأرقّاءَ سيضعونّ هم حِجارتَهم. والكتبُ التي تعلّمنا منها تاريخَ الإنسانية سيُضرِمون هُمْ فيها النيران. وفي الأماكن التي أحببنا فيها الحياةَ هُم سيموتون. يقتربون، إنَّهم يقتربون. !لا غالِب إلاٌ الله!" خدَعَني الآسُ والبنفسَجُ، خدعني قلبُ غرناطة... يقتربون، إنَّهم يقتربون! يصلون، ها قد وصلوا! قرأتها مع رشا، وقدرنا لأدباء الأندلس في هذه الأيام عنايتهم بتقديم تراث أجدادهم لأبنائهم وأحفادهم، فالماضي كان جميلا ورائعا ومعطاء، وفي إحيائه ما يعيد للأمتين الناطقتين بالأسبانية والعربية رباط الأخوة والمحبة، وتمنت رشا أن أنقلها للسادة القراء مع رجاء التعرف على أعمال الأديب أنطونيو غالا التي تفرغ الأخ الصديق الأستاذ رفعت عطفه لترجمتها، وهاأنذا ألبي رغبتها. (ليندراخا هي قاعة الأختين في قصر الحمراء بغرناطة)