لا تقرب .. لا تقرب.. انها هكذا جميلة. ماذا تريد؟ اتبغى ان تحقق فيها، وان تمتحن صدق النظرة البعيدة؟. كلا كلا انني لأشفق ان تبديها النظرة القريبة شوهاء، او تظهر بها بعض الندوب والخدوش.. الحياة جميلة هكذا ونحن من بعيد، فماذا نبغي غير ان نراها جميلة.. الحقيقة تقول: ويحك من أدراك انها تبدو دائما على مقربة. ولم لا تكون الحقيقة جميلة وهي التي نراها، على هذا البعد البعيد، فماذا يضيرنا ولماذا نصر على رؤيتها عن كثب ان كانت من بعيد تبدو جميلة. ان قصارى ما تستطيع الحياة ان تهبنا اياه ان تبدي لنا الأشياء جميلة فلماذا نحن نصر على نبذ هذه الحقيقة بحجة البحث عن الحقيقة.. ألا ويح الناس في العالم الأرضي المحدود يظنون ان الشيطان قد نفث عليهم نعمة الوهم، فجعل يوسوس لهم ليخرجهم من هذا النعيم، كما وسوس لأبي الأمم آدم وزوجته فأخرجهما من الجنة، وهم يحسبون أنفسهم الرابحين.. فلابد ان نستمتع بالحقيقة في حياتنا، ومهما أوتينا اليوم من قوة في الخيال فإننا عاجزون لا محالة عن استعادة الاحساس بالروعة التي أحسها الإنسان الأول لدى رؤيته أول فجر بعد ليلة كلها ظلام .. ولا ننسى ان الظلام له جمال. هذا المخلوق الشائه القبيح ظله جميل.. انه ينثني ذات اليمين وذات الشمال كتمثال حي من تماثيل الجمال ..ألهذه ياترى جميل ؟ وكذلك فإن مطلع الشمس أول مرة حادث لا ينسى ومطلع القمر بعد الظلام وان الليل في اول ليلة لمنظر لم تكن الألفاظ اذ ذاك قد وضعت لتحد من روعة الشعورية. لقد ظل الانسان ينفعل كلما طالعته الحياة بوجه جديد، حتى جرب وجرب وحتى عرف وعرف وهنا نفقد أعظم ما يناله الحي من الحياة التأثر والانفعال.. وهذه قدرة الله سبحانه وتعالى. ومع ذلك نجد من يقول انتفعوا بالتجربة .. ان المسلمين بحول الله وقوته هم الذين يظلون يرون الأشياء جديدة أبدا وان الفجر في نفس المؤمن هو الفجر الأول دائما، أولئك هم المؤمنون الناجون بإذن الله تعالى من عذابه. شيء من الشعر يا طالب الطب من داء اصيب به ان الطبيب الذي ابلاك بالداء هو الطبيب الذي ترجى لعافية لا من يذيب لك الترياق في الماء مكة المكرمة