تحت شعار "العودة حق.. لا تفويض ولا تنازل" اختتم فلسطينيو أوروبا مؤتمرهم السنوي السابع في مدينة ميلانو الإيطالية بحضور عدد من الشخصيات العربية والفلسطينية يتقدمهم الشيخ المجاهد رائد صلاح، إضافة إلى حشد ناهز عشرة آلاف شخص جاؤوا من مختلف أنحاء القارة الأوروبية. في هذا المؤتمر، وكما في سائر الجولات السابقة، جدد فلسطينيو أوروبا تشبثهم بحق العودة ورفضهم التنازل أو المساومة أو إجراء أية استفتاءات على حقوقهم الوطنية، كما جددوا تمسكهم بهويتهم الفلسطينية، وحقوقهم الثابتة في العودة إلى ديارهم التي هجّروا منها، تماما كما هو حال إخوانهم في كل مواقع اللجوء والشتات. وفي حين دأبت الفعاليات المذكورة على عقد المؤتمر في ذكرى النكبة، فقد جاء عقده هذه المرة إضافة إلى التوقيت المذكور بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتي انتهت إلى فشل صهيوني وانتصار فلسطيني، وقد ساهمت تلك الحرب في إحياء الشتات الفلسطيني واستعادته لدوره، حيث شاهد العالم أبناء فلسطين في كل مدينة في أوروبا يتظاهرون لنصرة أهلهم محمولين على أكتاف إخوانهم من العرب والمسلمين، إضافة إلى حشد من الأحرار من كل لون. لقد أحيت مجريات الحرب والصمود الفلسطيني في قطاع غزة القضية من جديد، ورفع فلسطينيو أوروبا أصواتهم مرة أخرى بعد سنوات من هيمنة منظومة فلسطينية جديدة لا تؤمن بالمقاومة. ويعلم الجميع أن المقاومة وحدها هي القادرة على إحياء أمل الفلسطيني بتحرير أرضه والعودة إلى دياره، ومن يعتقد أن حق العودة يمكن أن يتحقق من خلال المفاوضات فهو واهم، وعندما يتحدث نتنياهو عن اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، فهو لا يشطب حق العودة فقط، بل يتجاوزه نحو الطمع في ترحيل مليون ونصف المليون فلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48 ، بضمهم إلى الكيان الفلسطيني الموعود. لا شك أن انعقاد هذا المؤتمر السنوي منذ سبع سنوات يشكل خطوة بالغة الأهمية، وبالطبع في ظل إصرار القيادة الفلسطينية، على مسار المفاوضات الذي يعلم الجميع أنه لن يعيد اللاجئين إلى أرضهم. حين يعلن فلسطينيو أوروبا تمسكهم بحق العودة، رغم أن وضعهم هو الأفضل من الناحية المادية ، فإنهم بذلك ينطقون باسم الجميع قاطعين الطريق على نظرية الربط بين أوضاع الشتات الاقتصادية ومبدأ حق العودة الذي لا يعني بالضرورة التجسيد الكامل، مع أن نسبة كبيرة سوف تفعل، بقدر ما يعني الشعور بالوطن وقدسيته وحق الإقامة فيه والعودة إليه في أية لحظة، تماماً كما يعود المغترب بعد تحقق أهداف اغترابه أو سنويا في الإجازة في أقل تقدير. فلسطين ليست صحراء قاحلة، فمن أجلها اندلعت حروب بلا عدد، وعلى أرضها اقتتلت دول وتصارعت حضارات، وهي الأرض التي بارك الله حولها، ما يعني أن العودة إليها لا تشبه العودة إلى أي مكان، مع أن لكل إنسان حنينه إلى دياره، وإذا مال أفراد إلى قطع الصلة مع ماضيهم، فلا ينسحب ذلك على الجميع. من جوانب الأهمية في المؤتمر تأكيده على حضور فلسطينيي أوروبا في أية صيغة لتمثيل الشعب الفلسطيني، وتأكيده على أن يكون ذلك بالانتخاب الحر، بصرف النظر عن الجهة الممثلة، أكانت منظمة التحرير أم سواها. في هذا المؤتمر وسواه من المؤتمرات المشابهة، تحضر فلسطين من بحرها إلى نهرها: بيضاء من غير سوء، وما دام هؤلاء على تمسكهم بها، ولا يخشون دعم برنامج المقاومة لتحريرها، فإن قضيتها ستبقى حيّة حتى يأذن الله بالنصر المبين. الدستور الأردنية