قبل فترة من الزمن عرضت في لندن مسرحية قشعريرة ل "مايك لاي" وهو مخرج معروف في عالم المسرح التجريبي في إنجلترا، المسرحية تتحدث عن تدهور العلاقات الانسانية، أو هكذا تدعى، ولكي يصور المخرج هذه العلاقات اختار النماذج كالتالي: اختار أربعة إنجليز، امرأتين ورجلين وعربيا واحدا.. الرجل العربي يبدو في المسرحية كرجل أعمال يأتي إلى لندن في زيارة عمل، ويتعرف على الإنجليز الأربعة، ولأن كل عربي في نظر الاوروبيين رجل نفط أو له بئر متنقل فقد راح الأربعة يعاملون الرجل معاملة جيدة في البداية منتظرين منه أن يبدأ بتبديد أمواله عليهم، وبعدما اكتشفوا حقيقته وأنه لا علاقة له بالنفط ساءت علاقتهم به وأخذوا يعاملونه ببشاعة فيهزأون به ويحقرونه! الرأي العام العربي وبعضٌ من المقيمين في لندن استاء جدًّا من عرض المسرحية واحتج بعضهم رسميا لدى السلطات البريطانية، بعض الصحف الانجليزية ذهبت الى القول بأن المسرحية قد تسيء إلى العلاقات العربية البريطانية، أما المخرج فقال إنه استشار بعض العرب قبل عرض المسرحية، ولم يبد أحد منهم اعتراضه. أما السؤال فهو: لماذا لم يختر المخرج أي نموذج آخر ليمثل علاقة الانجليز بالعالم الثالث غير النموذج العربي مع أن في متناوله الكثير من النماذج الآسيوية التي تعج بها لندن والمدن المحيطة بها؟ لكن ربما يكون الأمر مقصودا ومبيتاً.. الهدف الإساءة الى هؤلاء العرب الرعاة الذين يحاولون الظهور والبروز بل ويسعون الى مزاحمة هذه الامم المتحضرة من بني "الساكسون"، وهذا عيب لا يجب ان يكون ولو على جثث اصحاب هذه الحضارة الغربية التي تملأ الكون ضجيجا وهيجانا .. فلعل الكثير من هؤلاء الرعاع لم يقرأوا التاريخ جيداً، وكيف استفاد الغرب بكل محاوره ومفاصله العلمية من علوم العرب، من كان منهم كذلك فلعله يراجع معلوماته ويبحث عن أقرب مرجع يهديه إلى الحقيقة، ولعل في كتاب المستشرقة الألمانية زيغرير هونكه "شمس العرب تسطع على الغرب" أقوى دليل على ذلك، وهي شهادة سجلتها على نفسها وقومها، وهي حجة قائمة واضحة لكن الأمر على ما يبدو ليس على هذا النحو، وإنما قصد منه تلطيخ سمعة العرب خدمة لمطالب يهودية تسعى دائما إلى الإساءة للعرب والضحك عليهم أمام الناس في كل مناسبة، حتى ولو كانت عرضا سينمائيّاً يجسد العربي على أنه بئر بترول متنقل يسعى إلى إشباع رغباته أينما وجد!