تغير الكثير من أسباب الحياة في الإمارات وسائر دول الخليج العربي. والتغيير سنّة الحياة ما دام التواصل أحد صفات البشر. ولكن التغييرات التي أصابت النظام الغذائي عندنا وصلت في المدن الكبرى إلى حد الانقلاب في نوع الوجبات ومواقيتها وتركيبتها. ولذلك، فإن الأكل والشرب هما المتهمان الرئيسان في إحداث المزيد من الإصابات بالأمراض المزمنة والخطيرة. يمكن أن تتباهى أجهزة وإدارات الرقابة الغذائية الاتحادية والمحلية بفعالية رقابتها وتوسيع دائرة إشرافها على ما يدخل إلى الأسواق ومحال بيع التجزئة والجمعيات من أغذية ومستحضرات، ولكنها لاتستطيع الجزم بأن مراقبيها ومفتشيها استطاعوا أن يضمنوا سلامة الأعلاف التي تصل إلى مزارع الدواجن للدولة، وأن يتأكدوا من سلامة طريقة تربية الدجاج والأغنام والأبقار المستوردة لحومها من الخارج، أو أن يؤكدوا بشكل قاطع خلو المعلبات من الأخطار التي تؤدي إلى الأمراض، وإذا صدّقنا أن كل ذلك متوافر ومتحقق، فهل يمكن أن نتأكد من سلامة الطعام الذي تقدمه مطاعم الوجبات السريعة، وكافتيريات الهنود التي أصبحت تسابق محال البقالة على حجز المحال في الأحياء والأسواق، قبل أن يتم وضع حجر أساس المبنى الذي سيكون بناية أو وقفاً خيرياً؟ المطاعم والكافتيريات والمخابز لا تختلف في سياسة الترخيص عن أي مشروع تجاري، إلا في بعض المواصفات الخاصة بالمعدات وسلامة المبنى. أما سلامة الوجبات وما بداخل هذه الوجبات، وتركيبة هذه الوجبات، وآثارها الصحية المدمرة فهي في وادٍ آخر. فما دام تاريخ الإنتاج صحيحاً، ومظاهر الأطعمة سليمة فإن كل شيء في نظر الجهات المعنية سليم. وهنا تكمن المشكلة. والمشكلة الأكبر والأمّر أن الصحة العامة صارت جزءاً من واقع «البيزنيس» والتدخل في الأرزاق. ومطاعم الوجبات السريعة الكبرى على وجه الخصوص علامات تجارية كبرى، خلفها وكلاء ذوو أسماء كبرى لا تمسهم الرقابة إلا في ما ظهر من الصورة. أما الكافتيريات فهي في نظر النظام خدمة مقدمة للسكان، وإن كانت هذه الخدمة تقود إلى السرطان.. أجاركم الله. الإمارات اليوم