يبدأ الكاتب الروسي المشهور توليستوي روايته «آنا كارنينا»، بحكمة عظيمة تقول: «كل العائلات السعيدة تشبه بعضها بعضاً، أما العائلات الشقية فلدى كل منها أسبابها الخاصة التي نجم شقاؤها عنها». لن أبحث عن الشقاء اليوم، لكن عبارة جميلة قالها بطل فيلم أمريكي اتصل بحبيبته بعد أن قضى يوماً جميلاً معها أعجبتني حين قال: لقد كان اليوم معك جميلاً إلى أبعد الحدود، بل بلغ إلى حد الكمال؟! منذ متى لم نسمع أنا والقراء كلمة الكمال؟ أكاد أجزم أنها اختفت أو كادت تختفي من حياتنا، فلم تعد هناك أعمال كاملة ولا أيام كاملة أو إلى درجة الكمال. ومن قال إن الحياة ينقصها الكمال ومن المستحيل أن يكون بها شيء كامل؟ الكمال لله سبحانه هذا معروف ولا أحد يختلف معه، غير إننا لابد أننا شاهدنا مثلاً أعمالاً فنية رائعة بلغت حد الكمال فعلاً ورأينا عشرات الأفلام وقرأنا غيرها من الروايات بلغت حد الكمال الجميل. وإذا كانت الدنيا تخلو من كمال البشر فإن حياتنا لا ينقصها كمال في الطهارة والطيبة. فاعرف قلوب بشر تفوق في الكمال ما يتوقع منها من طيبة ووفاء وزهد وطهارة وفضيلة. وهناك ذوق وأخلاق عند بعض البشر يبلغ حد الكمال به كل الدماثة والتواضع والرفق. وهناك أفكار ومواقف لا تنقصها الشجاعة والبطولة والأمل وتقدم حلولاً لكثير من المشكلات وتصل إلى الكمال. والكمال الجميل يمكن أن يزيد عندنا ويكبر، لكن الوصول إليه أو بلوغه يتطلب أن يغيب عند الباحثين إليه من البشر كل طمع أو حسد أو جبن فيهم ويتطلب ما يتطلب، غير إن المؤلم أن الذين يبحثون عن الأفضل فقط وليس الكمال، أصبحوا ندرة لأن الأكثرية تبحث عن تمشية الحال فقط. وحتى «تمشية الحال» هذه تكون بالفهلوة والشطارة والعيارة. وهكذا نصبح مثاليين جداً عندما نتحدث عن الكمال اليوم عندنا ! الأيام البحرينية