نظم مركز المصيف الاجتماعي بالرياض ضمن برامجه الهادفة والتوعوية التي يقدمها على مدار العام مؤخراً محاضرة بعنوان: (هروب الأزواج لماذا؟! وكيف تكسبين زوجك؟) قدمتها هياء عبدالله الدكان المستشارة في الشؤون الأسرية والزوجية والإعلامية بوزارة التربية والتعليم إضافة إلى ركن فاعل تعريفي بالمؤسسة. واستهلت المحاضرة بالتعريف بأهمية الأسرة فهي البنية الأولى للمجتمع الذي يريد الإسلام صلاحه وهي الوضع الفطري الذي ارتضاه الله لحياة الإنسان كما قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) (38) سورة الرعد. فالإنسان مفتقر إلى الأسرة في مراحل عمره جميعاً ثم أوضحت الأستاذة هياء الدكان كيف تبنى الأسرة والذي يتطلب وعياً من جميع أفرادها بأهمية التماسك والقرب من بعضهم البعض والبعد عن كل ما يمكن أن يؤثر في تماسك الأسرة وارتباطها وخاصة الانفصال العاطفي والذي قد يسبب بعداً وهروباً أيضا من قبل أحد الزوجين ، وربما يتواجد أحدهم جسدا لكنه قد فر بعقله وتفكيره عن كل ما هو حوله من مكان وربما أشخاص . وتطرقت الدكان إلى توجيهات وأمور تحقق السعادة والمحبة بين الزوجين وحتى أفراد الأسرة؛ ومنها أمور خاصة بين الزوجين وأمور عامة والتي تنظمها وتقويها وتسهلها عوامل عديدة أهمها وأولها: الحرص على طاعة الله وإخلاص النية له تعالى في كل أعمالنا فكيف بما يقدم من أمور كتبادل المشاعر العاطفية والحب بين الزوجين والمودة والاستقرار ، وليكن من الزوجين (الوالدين) قيام البيت من الأساس على محبة الله وطاعته فالله وحده بيده أن يوفق ويجمع القلوب فطاعة الله لها أثر كبير في الألفة والمحبة بين أفراد الأسرة جميعاً. وتحدثت عن فضل العمل الصالح يقول جل وعلا: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) سورة النحل الآية 97. إنه وعد جميل من الله العظيم للمؤمنين إن عملوا عملا صالحا بالحياة الطيبة وبشرى للإناث أن الله لا يفرق بينهن وبين الذكور في قبول إيمانهن ولا أثر عملهن الصالح الذي هو الإحياء بحياة طيبة الرزق الحلال والرضا به وقلبه أي قلبه مخلص ومؤمن بالله ورسوله وعمله لله وحده والأجر على قدر العمل ، وقال صلى الله عليه وسلم (قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه) إذاً اجتماع الأسرة على ما يرضي الله هو أعظم قاعدة ، وأمتن أساس لبناء السعادة في البيت المسلم ، أما المعصية فلها أثر عجيب في كثرة المشاكل والخلاف وعدم الوفاق وتعثر الفرص والمحاولات التي يقوم بها أحد الزوجين للقرب من الآخر وبالتالي يتأثر الأبناء قال سبحانه : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) سورة الشورى ، قال أحد السلف : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وخادمي) ، وأكدت الأستاذة هياء على أنه للمعصية شؤماً فتجلب الهم والغم والتعاسة والشقاء وسواد في الوجه وقد يغتر صاحب المعصية بأنه سعيد لكن الله يمهل ولا يهمل وما يلبث صاحبها إلا أن يرى بنفسه ويعيشه أثر ما كسبت يديه ، قال ابن القيم : وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة والمضرة بالقلب والبدن بالدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله فالحذر الحذر والتوبة التوبة فلكل أجل ولكل يوم ، وأضافت أنه مما يؤثر على علاقات الأزواج عدم وجود الحب ، فقد يعتقد البعض أن الزواج لعب ولهو وسفر وتغيير وترفيه ويقبل عليه وهو غير مستعد ولم يسمح لطرفه الثاني بالتعبير الحقيقي عن ذاته وفهمه ومع الأيام وعندما تنخفض درجة حرارة العاطفة وتذهب الأيام الوردية سريعا بسبب عدم فهم معنى الزواج وعدم فهم دوره الحقيقي أو يأتي وقد حمل ببعض الاعتقادات الخاطئة التي لم يأخذها من مختصين وإنما من زملاء له أو زميلات لها زدن عليها الأمر سوءاً أو يوصينها بالتسلط وفرض شخصيتها على زوجها وهو ما يخالف فطرتها التي جبلت على العطف واللين واحتواء الآخرين والبعض يدخل في دوامة صراع الأقوى فكل منهما يريد أن يكون هو المسيطر وقد تنسى الزوجة أن القوامة للرجل فيدخلها ذلك أيضا في صراع ومشاكل قد تستمر طوال عمرها الزوجي وقد تتضاعف وتسبب فجوة بينها وبين زوجها وبعد سنوات تبحث عن حل لمشكلتها وما يؤرقها وربما تهرب هي من زوجها وهو كذلك في كثرة خروج من المنزل أو موجود لكن قد هرب بذهنه ومشاعره حتى لا تتلف أعصابه أو ينهار ففضل الهروب المعنوي ، وشددت الدكان على ضرورة التفاهم بين الزوجين على القضايا الأساسية التي تهم الأسرة كالمال والمساهمة في الانفاق وعمل الزوجة والمصروفات وعلى الزوج أن ينتبه أن مال الزوجة سواء كان من غنى أو من وظيفة هو من حقها وحدها ولا يجوز له أن يأخذ منه أي مبلغ مهما كان ضئيلا إلا بإذنها ورضاها وعدم التساهل في هذا الأمر فبعض الرجال يشعر أن زوجته ملكه ومالها له وهذا أمر خطير عليه الحذر منه وأن لا يقع في الظلم فالمرأة فيها ضعف وعاطفية وقد تستسلم له وتأذن له خوفا منه أو أن يهددها بتركها وحرمانها من أبنائها وربما يهينها ويستهزئ بها حتى تعطيه من راتبها ومن ثم يصبح طيباً معها ومع أبنائه وقد تحكمت فيه رغباته وحب المال حتى وصل لمرحلة الوحشية مع أقرب الناس إليه وليرحم ضعفها فالله لا يحب الخائنين وليحذر (وما الله بغافل عما يعملون) سورة البقرة 144، وحذرت الدكان من الاعتماد على الخادمة في كل أمور المنزل، كما أنه من غير اللائق والذي لا يجوز ومن الإهمال العاطفي للمقربين منها أن تتكل المرأة وهي قادرة على الخادمة حتى في مباشرة تقديم الطعام والمشروبات من شاي وقهوة وحتى الملابس لزوجها ومحارمها وأبنائها إن كانوا شبابا وغيرهم والدخول للغرف بوجود أصحابها وراعية البيت موجودة، فعلى الزوجين التنبه لذلك. ودعت إلى أن تتنبه الزوجة لشخصية زوجها وتتعامل معه وتلمح له بالأسلوب المناسب وبالصراحة في المناسب ما ينقصه وإن كانت لا تستطيع فتستر وتكتم عيب زوجها ولا تحدث به أحداً مهما كان حتى صديقاتها أو قريباتها أو أمها فهي ستغضب وتبوح لهم ولحظات ثم تحل مشكلتها مع زوجها لكن هم لا ينسون فيكثرون الأسئلة عن أخبارها وأيضاً يقلقون عليها فتتعب الآخرين وفي نفس الوقت تكون قد أفشت أسرار زوجها ، وبالعكس يبدأ بعد ذلك قلق الأم وربما تتعب بل عليها إن وجدت مشكلة لا تستطيع حلها أن تصبر ولا تخبر أحداً ثم تستخير الله وتستشير مختصات ثقات. وأكدت الدكان على أهمية الغيرة المعتدلة وتشعر الزوج بأن زوجته تحبه أما الغيرة الزائدة والتي تقود إلى وساوس وتشكيك وظنون فعلى الزوجين الحذر وليكن كل منهما واضحاً أمام الآخر بما يكفل عدم وجود مبرر للشك والتوكل على الله والدعاء دائما للطرف الآخر وكل من نحب ومن المهم أيضا معرفة أن الشكل والجمال الخارجي هو وقتي فعلى كل من هما الحرص على طيب الخلق والرفق وتقديم محبة الآخر والشعور به حتى في أدق الأمور والحب يولد حباً ثم والمعاشرة بالمعروف وأن نطلب في حياتنا الواقعية وليس المثالية ونطلب من الطرف الآخر ما في استطاعته ثم ختمت محاضرتها بالتأكيد على ضرورة إحداث نقلة تربوية راقية في المجتمع الذي ينطلق أفراده من الأسرة وعلى الزوجين أو احدهما الحرص على نشر ثقافة الحوار والحب فهما عماد كل أسرة وكذلك التسامح وتحري القدوة الصالحة لهم مع الصبر والدعاء لهم وكثرة الذكر والاستغفار ففيها علاج جذري لعلاج الهموم وكل عسير على الله يسير واختتمت الدكان محاضرتها بقولها إن التغيير ممكن والسعادة قريبة لمن أرادت أن تعيش حياتها من جديد وتقرأ وتطبق ولا تكون ضعيفة سلبية دائما تتعذر بقلة الحيلة بل تكون فاعلة ومنفذة ذات همة قال ابن الجوزي ( من علامة كمال العقل علو الهمة ) .