البحث عن السعادة وصناعتها ومحاربة المعتقدات التي تقتل الشعور بمعاني السعادة، كل ذلك واجب إنساني يجب تفعيله، فبعض الأديان، والكثير من الفلاسفة، وغالبية كبرى من البشر، يرون الحياة شراً محضاً، أقصى ما يمكن أن يفعله الإنسان تجنب أكبر قدر من الألم قدر الإمكان! هناك عوامل تدعم وتغذي عناصر السعادة في روح الإنسان، وذلك يكون من خلال اكتشافه للعناصر وتنميتها على أرض الواقع. لقد بدأ تولستوي روايته: «أنا كارنينا» بمقولته: «كل العائلات السعيدة يشبه بعضها بعضاً، أما العائلات الشقية فلدى كل منها أسبابها الخاصة التي نجم شقاؤها عنها». الحياة سعادة، وما يشوه سعادتها غير هذا الحيوان المسمى بالإنسان! فالبعض يشوه كل معاني السعادة. فالإنسان الذي لا يسير وفق رسم الفطرة أو يجنبنا أكبر قدر من الألم والمتاعب والفشل». صفاء القلب، ونضج الشخصية، واعتدال المزاج، كلها مميزات تعمق الوعي لدى الإنسان، الذي يساعد في خلق بيئة خاصة ممتلئة سعادة. وتعريف فن السعادة بمنظار بعض المفكرين: «هو فن ترتيب حياتنا ترتيباً يضمن لنا أكبر قدر ممكن من المتعة والنجاح». الحياة سعادة، تتكون بالاكتساب وتغذية القيم الروحية الداخلية، والعيش في المناطق التي تسبح في عالم السعادة، «أي أن نبتعد عن السلبيات قدر المستطاع»، فتدريب الذات وصقلها في مواطن هي تحتاجها من الأشياء التي تجلب السعادة، ورؤية من تحب ومن هو قريب لروحك ونفسك الفكري المعرفي والعلاقاتي. فالصداقة والحياة العائلية المتفهمة، والنجاح في الحياة الدراسية أو العملية، والسمعة الطيبة، واحترام الناس، كلها أشياء تسهم في خلق السعادة الذاتية، وطبعاً كل ذلك بحسب الجهد والحكمة وضبط السلوك تكون النسبة ومردودها، وغيرها من المعاني المثمرة، وأعتقد أن هذا ينطبق على حياة الأفراد كذلك، فهي ليست مقصورة على حياة العائلات لوحدها. هناك شروط صانعة للسعادة، لكنها خارجة عن سلطة الإنسان، كالصحة، والثروة، والجمال، والذكاء، والقدرات الخاصة، والظروف البيئية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بحكم أنها تحكم حياة المجتمعات البشرية، فالصحة بمثابة شيء أساسي في حياة الإنسان، وبفقدها يفقد الإنسان القدرة على الاستمتاع بكل شيء، وقلة الثروة يعني التراجع في عالم الشهرة والجاه والمكانة الاجتماعية المرموقة وغيرها، لكن هذا لا يعني حينما تنقص هذه الشروط أو غير ذلك يعني من الصعب إدراك السعادة وصناعتها في الحياة الذاتية. العلاج يكمن في قراءة الذات وفهمها وتغذيتها بالقيم الروحية والاشتغال في المواطن التي يعرف الإنسان من نفسه أنه يتقنها كثيراً، وهي محبوبة لذاته. ومن اشتغل بالأشياء التي تتعلق بالمظاهر على حساب الباطن فهو أبعد الناس عن عالم السعادة والمتعة والاستقرار النفسي. من دون شك العنصر الأساسي في سعادة الإنسان هو صفة تكوينه وطريقة رؤيته للأشياء من حوله، وطريقة التعامل معها، كل ذلك مرتبط بنسبة التفاؤل والتفسير الموضوعي العقلاني القريب للواقع. خلاصة القول: السعادة الحقيقية تكمن في ثراء الروح والعقل. [email protected]