هل من سبب سياسي حال بين ليفني وباراك وبين انضمامهما إلى حكومة مع نتنياهو، أو برئاسته؟ على ما زعمت ليفني، لن يكون في مقدورها العمل بما يوافق ويخدم، ولو جزئيا، مبادئ البرنامج السياسي لحزبها، حزب "كاديما"، إذا ما أصبحت جزءا من ائتلاف حكومي، مع حزب "ليكود"، أو برئاسته، مع أن العقبة الكبرى الحقيقية التي تعترض طريق الانضمام، وعلى ما نرى ونلمس من حقائق، تكمن في رفض نتنياهو تلبية مطلبها أن تتناوب معه على رئاسة الحكومة الإسرائيلية الائتلافية. ولكن، دعونا نصدِّق زعم ليفني أن انضمامها إلى حكومة مع نتنياهو، أو برئاسته، أو إلى حكومة تشارك فيها حركة "شاس"، لن يعود بالنفع والفائدة على جهود ومساعي ومفاوضات السلام مع الفلسطينيين، والتي يكمن في أساسها التزام إسرائيل والفلسطينيين، والولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، واللجنة الرباعية الدولية، مبدأ حل الدولتين، والذي هو المبدأ الأول والأهم في مرجعية أنابوليس، إذا ما بقي من وجود لتلك المرجعية، ولأنابوليس نفسه. دعونا نصدِّق زعمها، والذي يزعمه باراك أيضاً، وإن بدا مُقلا فيه، حتى يصبح في مقدورنا أن نزعم أن ما استصعبته ليفني لن يكون سهلا فلسطينيا، فكيف للسلطة الفلسطينية أن تفاوض حكومة، رأسها نتنياهو، ورقبتها المديرة والمحركة لهذه الرأس ليبرمان، ولا يشارك فيها "كاديما" و"العمل"، وغيرهما من القائلين بحل الدولتين، إذا ما استعصى على ليفني نفسها، وعلى باراك أيضا، أن يريا فيها، بنية وبرنامجا وسياسة وأشخاصا،.. فرصة حقيقية، ولو ضئيلة، للسلام مع الفلسطينيين، ومع السوريين?! وكيف لنا أن نعول على إدارة الرئيس أوباما، وعلى مبعوثه ميتشل، وقد سمعنا الولاياتالمتحدة تقول، غير مرة، بعد انتهاء انتخابات الكنيست الثامنة عشر، إن تحالفها الوثيق مع إسرائيل هو ثابت التغير، وإن تأليف حكومة إسرائيلية برئاسة نتنياهو، يشارك فيها ليبرمان ولا يشارك "كاديما" و"العمل"، لن ينال أبدا من قوة هذا التحالف، وإنها، وإن أكدت التزامها مبدأ حل الدولتين، وأهمية وضرورة استمرار التزامه إسرائيليا وفلسطينيا، لن تفرض حلا لا يقبله احد الطرفين، ولن تضغط، بالتالي، على نتنياهو وحكومته من أجل أن يلتزما هذا المبدأ الذي التزمته من قبل حكومة ليفني باراك برئاسة اولمرت?! وأحسب الآن أن من حق السلطة الفلسطينية ورئاستها، وأن عليها في الوقت نفسه، أن تدعو إدارة الرئيس أوباما، والاتحاد الأوروبي، واللجنة الرباعية الدولية، إلى أن يلبُّوا لها مطلبا عادلا بسيطا محقا هو أن يحصلوا لها من نتنياهو وحكومته على التزام واضح مُعْلَن، يماثل ما التزمته هي، وتلتزمه، فرئيس "ليكود"، الذي سيرأس الحكومة الإسرائيلية المقبلة، يجب أن يُعْلِن، على رؤوس الأشهاد، أوافقه على ذلك ليبرمان أم لم يوافقه، التزامه مبدأ حل الدولتين، ومرجعية أنابوليس، وكل ما وقعته إسرائيل من اتفاقيات مع الفلسطينيين، قبل، ومن أجل، بدء، أو استئناف، مفاوضات السلام بين الطرفين، وإن بقيت على عبثيتها، كالمفاوضات السابقة مع حكومة ليفني باراك برئاسة نتنياهو. إذا لبُّوا لها هذا المطلب العادل البسيط المحق فإنها، عندئذ، يمكنها وينبغي لها أن تظل مستمسكة بدعوتها إلى قيام حكومة فلسطينية ائتلافية جديدة، تضم "حماس"، وتلتزم مبدأ حل الدولتين، وكل ما وقعه الفلسطينيون من قبل من اتفاقيات مع إسرائيل، إذا ما قبلت "حماس" أن تكون جزءا من حكومة فلسطينية بهذه الخواص السياسية. أما إذا لم يلبُّوا، وظلوا يعاملون حكومة نتنياهو الرافضة التزام مبدأ حل الدولتين وكأن الحكومة الإسرائيلية يحق لها ما لا يحق للحكومة الفلسطينية، فلا بد، عندئذ، من أن تبادر السلطة الفلسطينية إلى تأليف حكومة فلسطينية جديدة، تضم "حماس"، وسائر المنظمات الفلسطينية الرافضة التزام ما رفضت حكومة نتنياهو التزامه، وإلى دعوة كل المشاركين الإقليميين (باستثناء إسرائيل) والدوليين في الحصار المضروب على قطاع غزة إلى إنهائه ورفعه، فوجود حكومة فلسطينية لا يلتزم المشاركون فيها، أو بعضهم، مبدأ حل الدولتين، وغيره من مبادئ مرجعية، أو مرجعيات، السلام، لا يمكن أن يكون سببا وجيها ومشروعا لضرب حصار إقليمي ودولي على قطاع غزة، إلا إذا رأينا التوأم الإسرائيلي لهذا الحصار. العرب اليوم الأردنية